قال في الإنصاف:«وقيل: لا يدركها إلا بركعة، وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى، واختاره الشيخ تقي الدين، وذكره رواية عن أحمد، وقال: اختاره جماعة من أصحابنا»(١).
واختار شيخنا ابن عثيمين ﵀: أنه إن صلى منها ركعة كاملة أتمها خفيفة، وإلا قطعها (٢).
واختار شيخ شيخنا ابن باز عليه رحمة الله: أنه إن بقي من النافلة مقدار ركعة كاملة قطعها، وإن بقي من النافلة أَقَلُّ من ركعة أتمَّها، وبه قال المباركفوري ﵀(٣).
هذه أقوال فقهائنا عليهم رحمة الله، وسبب اختلافهم يرجع إلى اختلافهم في مسألتين:
المسألة الأولى: الاختلاف في وجوب إتمام النفل بعد الشروع فيه.
المسألة الثانية: اختلافهم في العلة من النهي عن التنفل إذا أقيمت الصلاة: أهو من أجل تحصيل فضل الجماعة، وبأي شيء يدرك فضل الجماعة، أم هو من أجل الأمر بمتابعة الإمام؛ لقوله ﷺ: إذا كبر فكبروا، ولأن الصلاة إذا أقيمت تعين الوقت للفرض، والنفل لا يزاحم الفرض.
إذا علم ذلك ننتقل منه إلى ذكر الأدلة:
• دليل من قال: يتمها مطلقًا ولو خشي فوات الجماعة:
هذا المسألة بناها الحنفية على مسألة أخرى، وهي وجوب إتمام النافلة بالشروع فيها، وهي مسألة خلافية (٤).
(١) الإنصاف (٢/ ٢٢٢). (٢) مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (١٥/ ١٠١). (٣) فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (١٢/ ٣٩١)، مرعاة المفاتيح (٣/ ٥٠١). (٤) اختلف الفقهاء في وجوب إتمام نفل الصلاة بالشروع فيه بعد اتفاق الأئمة الأربعة على وجوب إتمام نفل الحج والعمرة؛ لوجوب المضي في فاسده. فقال الحنفية: يجب الإتمام بالشروع فيه، ولو أفسده وجب قضاؤه مطلقًا، سواء أبطله لعذر أم لغير عذر، قياسًا على نفل الحج والعمرة. وقال الشافعية والحنابلة: لا يجب إتمام النفل مطلقًا؛ لأنه لا يجب المضي في فاسده. وقال المالكية: إن قطع النفل بعذر لم يجب الإتمام، وإن قطعه بلا عذر وجب إتمام نفل يبنى آخره على أوله، كالصلاة، والصوم والاعتكاف وطواف التطوع، وائتمام المقتدي. انظر بدائع الصنائع (١/ ١٦٤)، البحر الرائق (٢/ ٦١)، مجمع الأنهر (١/ ١٣٢)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٣١)، البحر المحيط في أصول الفقه (١/ ٣٨٤)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٤١٢)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (١/ ٤١٠)، نشر البنود على مراقي السعود (١/ ٤٠)، حاشية الدسوقي (١/ ٥٤٦).