[الفرع الثاني في قول المصلي (وأنا أول المسلمين) إذا استفتح بحديث علي ﵁]
المدخل إلى المسألة:
• كل ذكر مقيد بوقت معين، أو محل معين فإنه توقيفي لا تشرع الزيادة فيه، ولا النقص منه، ومنه أدعية الاستفتاح، بخلاف الذكر المطلق لقول النبي للصحابي الذي قال: آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت، فقال له النبي: قل: وبنبيك الذي أرسلت.
• المستفتح يقول:(وأنا أول المسلمين) اقتداء بالنبي ﷺ، وإظهارًا للامتثال، وموافقة للقرآن، ولا يقصد أنه أول المسلمين إسلامًا، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾.
• لو كان قوله ﷺ: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ يفسد المعنى لجاء النهي عنه من الشارع.
• نقل النووي عن الشافعي أن أكثر الرواة رووه بلفظ: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾. فدل على أن لفظ:(وأنا من المسلمين) تصرف من بعض الرواة؛ لاعتقادهم أن هذا لا يصح من جهة المعنى، وهو خطأ.
[م-٥١٤] اختلف الفقهاء في المصلي يستفتح بحديث: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض … ) إلى آخر الحديث، أيقول: وأنا أول المسلمين، أم يقول: وأنا من المسلمين؟
فاختار أكثر العلماء أنه يقول:(وأنا من المسلمين)، وإلى هذا ذهب الحنفية، والشافعية، واختاره القرطبي وابن العربي من المالكية، واختاره بعض فقهاء المدينة كابن المنكدر وغيره (١).
(١) شرح مشكل الآثار (٤/ ٢١٧)، العناية شرح الهداية (١/ ٢٨٨)، البحر الرائق (١/ ٣٢٨)، بدائع الصنائع (١/ ٢٠٢)، النهر الفائق (١/ ٢٠٩)، شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ٦٠)، المهذب في فقه الإمام الشافعي (١/ ١٣٧)، تحفة المحتاج (٢/ ٣١)، مغني المحتاج (١/ ٣٥٢)، التعليقة للقاضي حسين (٢/ ٧٣٤).