وخلاف الفقهاء في هذه المسألة نظير خلافهم في مسألة مشابهة: في الرجل يتيمم ناسيًا وجود الماء معه، وبعد الصلاة يتبين له وجوده، ولهم فيها قولان أيضًا.
القول الأول:
لا تلزمه الإعادة. وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن (١)، ومالك في إحدى الروايتين عنه (٢)، ورواه أبو ثور عن الشافعي (٣)، واختاره ابن حزم ﵀، ورجحه ابن العربي من المالكية (٤).
القول الثاني: لا تصح صلاته، وهو اختيار أبي يوسف من الحنفية (٥)، وإحدى الروايتين عن مالك (٦)، والصحيح من مذهب الشافعية (٧)، والمنصوص عن الإمام أحمد ﵀(٨).
إذا عرفنا ذلك نأتي لذكر الأدلة فيها:
• دليل من قال: صلاته صحيحة:
الدليل الأول:
أن النسيان عجز شرعي لا يمكن معه استعمال السترة حال النسيان، فصحت
وقد قال النووي في الأمة التي صلت مكشوفة الرأس، فعتقت في أثناء الصلاة، وجهلت العتق، قال في المجموع (٣/ ١٨٤): «ولو جهلت العتق كجهلها وجود السترة، فتكون على الطريقين». (١) بدائع الصنائع (١/ ٤٩)،، المبسوط (١/ ١٢١)،، تبيين الحقائق (١/ ٢٣٣). (٢) المدونة (١/ ٤٣)، أسهل المدارك (١/ ١٣٤)، أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٦٦). (٣) البيان في مذهب الإمام الشافعي (١/ ٢٩٥)، وقال النووي في المجموع (٢/ ٣٠٦): لو كان في رحله ماء، فطلب الماء في رحله، فلم يجده، فتيمم وصلى، ثم وجده، فإن لم يمعن في الطلب، وجبت الإعادة، وإن أمعن حتى ظن العدم فوجهان، وقيل: قولان، وهما مخرجان من القولين في الخطأ في القِبْلَة، أصحهما: وجوب الإعادة». (٤) المحلى (١/ ٣٥٠) مسألة: ٢٣٢، وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٦٦). (٥) المبسوط (١/ ١٢١). (٦) الذخيرة للقرافي (١/ ٣٦١)، حاشية الدسوقي (١/ ١٥٩). (٧) البيان في مذهب الإمام الشافعي (١/ ٢٩٥)، (٨) المستوعب (١/ ٢٧٨)، الإنصاف (١/ ٢٧٨)، الفروع (١/ ٢١٦)، وقال في المغني (١/ ١٥٣): «توقف أحمد ﵀ في هذه المسألة، وقطع في موضع أنه لا يجزئه».