ولَعَلَّهُ كُوْشِفَ بِذلِكَ، أَوْ كَما قَالَ.
وقَرَأْتُ بِخَطِّ أَخِي أَبِي القَاسِمِ قَالَ: قَالَ شُكْرٌ العَضُدِيُّ: لَمَّا دَخَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ، وَقَدْ هَلَكَ أَهْلُهَا قَتْلًا، ونَهْبًا وحَرْقًا، وخَوْفًا للفِتَنِ الَّتي اتَصَلَتْ بَيْنَ السُّنَّةِ والشَّيْعَةِ: فَقَالَ: الآفةُ (١) القُصَّاصُ (٢)، فَنَادَى في البَلَدِ: أَن لا يَقُصَّ أَحَدٌ في جَامعٍ ولا طَرِيْقٍ، فرُفِعَ إليه أَنَّ أَبَا الحُسَيْن بن سَمْعُوْن جَلَسَ على كُرْسِيَّهِ في يومِ الجُمُعَةِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، وتَكَلَّمَ على النَّاسِ، فَأَمَرَنِي بَأَنْ أُنفْذَ إِلَيْه مَنْ يُحَصِّلُهُ عِنْدِي فَفَعَلْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ لَهُ هَيْبَةٌ، وعَلَى وَجْهِهِ نُوْرٌ، فَلَمْ أَمْلِكُ أَنْ قُمْتُ إِلَيْهِ، وأَجْلَسْتُهُ إِلَى جَانِبي، فَلَمْ يُنْكِرْ ذلِكَ، وجَلَسَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ، وأَشْفَقْتُ واللهِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ مَكْرُوْهٌ عَلَى يَدَيَّ، فَقُلْتُ: أَيُّها الشَّيخُ، إِنَّ هذَا المَلِكَ جَبَّارٌ عَظِيْمٌ، وَمَا كُنْتُ أُوثر (٣) لَكَ مُخَالَفَةَ أَمْرِهِ. والانَ فَأَنَا مُوْصِلُكَ إِلَيْهِ، وَكَمَا تَقَع عَيْنُكَ عَلَيْهِ فَقبِّل التُّرَابَ، وتَلَطَّفْ في الجَوَاب إذَا سَألَكَ، واسْتَعِنْ باللهِ، فَعَسَاهُ أَنْ يُخَلَّصَكَ مِنْهُ، فَقَالَ: الخَلْقُ والأمْرُ (٤) للهِ ﷿، فَمَضَيْتُ بِهِ إِلَى حُجْرَةٍ في آخرِ الدَّارِ، قَدْ جَلَسَ المَلِكُ فِيْهَا مُنْفَرِدًا، خِيْفَةَ أَنْ يَجْرِيَ مِنْ أَبي الحُسَيْن بَادَرَةً بِكَلامٍ فيه غِلَظٌ، فَتَسِيْرَ بِه الرُّكْبَانُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ بَابِ
(١) في (هـ): "إنه"، وفي (ب): "آفة".(٢) في (ط): "القُصَّاصُ هم … ".(٣) في (ط): "أوتر" وفي (هـ): "أثر".(٤) في (هـ): "والأ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute