وحُسْنِ مَقْصَدِهِ، وصِدْقِ نِيَّتِهِ، وفي كثرةِ الأئمَّةِ الحُفَّاظِ الآخِذِيْنَ عنه دَلِيْلٌ عَلَى عُلُوِّ مَكَانَتِهِ، وسُمُوِّ هِمَّتِهِ، وَثِقَةِ الأفَاضِلِ بِهِ وبِعِلْمِهِ، ﵀ وعَفَا عَنْه، وأثَابه الجنَّة بمنِّه وكَرَمِهِ.
[٨ - وفاته]
تُوفِّيَ القَاضِي أبُو الحُسَين بنُ أَبي يَعلَى مَقْتُولًا شَهِيْدًا. قال ابنُ الجَوْزِيِّ (١): "وَكَانَ يَبِيْتُ في دَارِهِ ببَابِ المَرَاتِبِ وحدَه، فَعَلِمَ بَعْضُ مَنْ كَانَ يَخْدِمُهُ ويَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ بأنَّ لَهُ مَالًا، فَدَخُلُوا عليه لَيْلًا فَأَخُذُوا المَالَ وقَتَلُوْهُ في لَيْلَةِ الجُمُعَةِ عَاشرِ مُحَرَّمٍ فِي هَذِهِ السَّنة [٥٢٦ هـ] وقَدَّرَ اُلله أنَّهم وَقَعُوا كُلُّهُمْ فَقُتِلُوا. وزَادَ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ (٢): "وصُلَّيَ عَلَيْهِ يومَ السَّبْتِ حادِي عَشَرَ المُحَرَّم، ودُفِنَ عندَ أَبِيْهِ بمَقْبَرَةِ بابِ حَرْبٍ، وكَانَ يَوْمًا مشهودًا".
[٩ - آثاره]
تَرَكَ أبُو الحُسين بعضَ المُؤَلَّفاتِ التي تَدُلُّ على اهتِمَامِهِ بالعِلْمِ تَدْرِيسًا وتَصْنِيفًا، فَلَقَدْ سَبَقَ أن ذَكَرْنَا جُمْلَةً كَبيْرَةً من تلاميذِهِ، وفي كَثرتِهِم دِلَالَةٌ على غَلَبَةِ جَانِبِ التَّدْرِيْسِ على جَانِبِ التَّاْلِيْفِ، فَقِلَّةُ التَّصَانِيْفِ وَكَثرةُ التَّلامِيْذِ مُؤَشِّرٌ يَدُلُّ عَلَى ذلِكَ، فتآلِيْفُ أبي الحُسَيْنِ مُشَارَكَةٌ -فِيْمَا يَظْهَرُ- قَالَ الحَافِظُ السِّلَفِيُّ (٣): "وَلَه تَصَانِيْفُ في مَذْهَبِهِ" وَقَالَ ابْنُ رَجَب (٤):
(١) المنتظم (١٠/ ٢٩).(٢) الذَّيل على طبقات الحنابلة (١/ ١٧٧).(٣) عنه في سير أعلام النبلاء (١٩/ ٦٠٢).(٤) الذيل على طبقات الحنابلة (١/ ١٧٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute