وظَاهِرُ كَلَامِ الخِرَقَيِّ: أَنَّها لا تَحْرُمُ؛ لأنَّه قَالَ: وإِذَا جُعِلَتْ (١) مِمَّن يُلْحَقُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِهِ، فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ، فَأَرْضَعَتْ بِهِ: حَرَّمَتْ.
فَشَرَطَ في التَّحْرِيْمِ: أَنْ يَكُوْنَ مِمَّنْ يُلْحَقُ نَسَبُ وَلَدِهَا بِهِ.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ -اخْتَارَهُ الوَالِدُ السَّعِيْدُ-: أَنَّ الرَّضَاعَ يُثبِتُ التَّحْرِيْمَ كالوِلَادَةِ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الوِلَادَةَ مِنْ الزِّنَا تُثْبِتُ التَّحْرِيْمَ، كذلِكَ الرَّضَاعُ مِنْ لَبَنٍ نزَلَ عَنْ وَطْءِ زِنًا.
وَوَجْهُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: أَنَّ الرِّضَاعَ تَحْرِيْمُهُ مُعْتبَر بثبوْتِ النَّسَبِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ (٢): "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ" والنَّسَبُ غَيْرُ ثَابِتٍ، فَهَذَا الوَطْءُ كَذَلِكَ، مَا هُو مُعْتبَرٌ بِهِ، وتَحْرِيْمُ العَقدِ لَا يَقِفُ عَلَى ثُبُوْتِ النَّسَبِ [بِدَلِيْلِ الرَّبِيْبَةِ وبِنْتِهِ من] (٣) الرَّضَاعَةِ.
(المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ والسِّتُّوْنَ): قَالَ الخِرَقِيُّ: وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا في طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيْهِ كَانَ أَيْضًا لِلسُّنَّةِ، وكانَ تَارِكًا للاخْتِيَارِ. وبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُوْنُ لِلْبِدْعَةِ، وهو المَنْصُوْصُ عَنْ أحْمَدَ، وبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ، ومَالكٌ، ودَاوُدُ، وهو مَذْهَبُ عُمَرَ، وعَلِيٍّ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وأَبِي مُوْسَى.
وَوَجْهُهُ: أَنَّه ذُو عَدَدٍ اعْتُبِرَ فيه السُّنَّةِ مِنْ حَيْثُ الوَقْتُ، فاعتُبِرَ فيه
(١) في (هـ): "جبلت".(٢) رواه البخاري (٢٦٤٥).(٣) ساقط من (ط) وأصلها (أ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute