وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ -وسُئِلَ عن حِكَايَةٍ عن أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ في خَلَفٍ- فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْهَا مِنْ أَحْمَدَ، ولكِنْ حَدَّثَنِي أَصْحَابُنَا أَنَّهُم ذَكَرُونا خَلَفَ البَزَّارَ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَقِيْلَ: يا أَبَا عبدِ الله، إِنَّه يَشْرَبُ، قَالَ: قَدْ انْتَهَى إِلَيْنَا عِلْمُ هَذَا عَنْهُ، ولكِنْ هُوَ واللهِ عِنْدَنَا الثِّقَةُ الأمِيْنُ، شَرِبَ أَوْ لَم يَشْرَبْ. وقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: إِنَّه الصَّدُوْقُ الثِّقَةُ. وقَالَ الَّدارقُطْنِيُّ: أَبُو مُحَمَّدٍ خَلَفُ بنُ هِشَامٍ بن ثَعْلَبٍ (١) البَزَّارُ المُقْرِئُ، كانَ عَابِدًا، فَاضِلًا، وآخرُ مَن رَوَى عَنْهُ ابنُ مَنِيْعٍ، وقَالَ: أَعَدْتُ صَلَاةَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً كُنْتُ أَتَنَاوَلُ فيها الشَّرَابَ على مَذْهَبِ الكُوْفِيِّينَ.
وقَالَ عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ: مَاتَ خَلَفُ بنُ هِشَامٍ البَزَّارُ في سَنَة تِسْعٍ وعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ في جُمَادَى الآخِرَةِ بِبَغْدَادَ.
= وَأنَا قَاعدٌ، فَقَالَ لي: يا أبا الفَضْلِ: أيْشٍ تقولُ في النَّبيذِ؟ قَالَ: قُلْتُ: حَلَالٌ، قال: أيُّمَا خَيْرٌ قَلِيْلُهُ أو كَثِيْرُهُ؟ قَالَ: قُلتُ: قَلِيْلُهُ، فَقَالَ لي: يا شيخُ إنَّ حَلَالًا يكونُ قَلِيلُهُ خَيرًا من كَثِيرِهِ إنَّ ذلك لحَرَامٌ، وَجَذَبَ الحَلْقَةَ في وَجْهِي فَفَتَحْتُ البَابَ واطْلَعْتُ فَلمْ أرَ أحدًا، فتركتُ النَّبيذَ من ذلك الوَقْتَ، وفي تاريخ بغداد (٨/ ٣٢٦) حِكَايةٌ أُخْرَى عَن سَبَب تَرْكِ هِشَامَ شُرْبَ النَّبيْذ، ذَكَرَ المُؤَلِّفُ هُنَا طَرَفَهَا وَلَو أَوْرَدَهَا لَكَانَ أَجْمَلَ، قَالَ الحَاَفِظُ الخَطِيْب: "وَذَكَر أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِي خَلَفُ بنُ هِشَام البَزَار فَقَالَ: كَانَ من أصْحَاب السُّنَّة لولا بَلِيَّة كَانَت فيه شُرْبُ النَّبيْذِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رِزْقٍ، حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ زِيَادِ النَّقَّاشُ قَالَ: سَمِعْتُ إدْرِيْسَ بنَ عبدِ الكَريمِ الحَدَّادَ يَقُولُ: كَانَ خَلَفُ بنُ هِشَامِ يَشْرَبُ مِنَ الشَّرَاب عَلَى التَّأْويل فَكَانَ ابن أُخْتِه يَوْمًا يَقْرأ عَلَيْه سُوْرة (الأنفال) حَتَّى بَلَغَ ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ فقال: يا خَال إِذَا مَيَّزَ اللهُ الخَبيْثَ من الطَّيبِ أين يَكُونُ الشَّرابُ؟ قَالَ: فَنَكَّسَ رَأْسَهُ طَويلًا ثمَّ قَالَ: مَعَ الخَبَيْثِ، قَالَ: فَتَرْضَى أنْ تَكُونَ مع أصْحَاب الخَبيثِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ امْضِ إلى المَنْزِلِ فَاصْبُبْ كُلَّ شَيءٍ فيه، وَتَرَكَه، فَأَعْقَبَهُ اللهُ الصَّوْمَ فَكَانَ يَصُوْمُ الدَّهرَ إلى أن مَاتَ".(١) في (ط): "تغلب".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute