الحَادِيْ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ ستٍّ وعِشْرِيْنَ وأَرْبَعمائة، فدُفِنَ بمَقْبَرَةِ إِمَامِنَا أَحْمَدَ، وقيلَ إِنَّ أَكْفَانَهُ لَم تَكُنْ بَلِيَتْ بَعْدُ.
وقَالَ أَبُو الحَسنِ البَرَدَانِيُّ (١): لَمَّا حَضَرَتِ ابنَ سَمْعُوْنَ الوَفَاةَ، قَالَ لَهُمْ: إِنِّي أُدْفَنُ ثُم أُنْبَشُ، فَلَمَّا فُرِغَ من غَسْلِه ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهم يَحْمِلُوْنَهُ إلى الجَامِع يُصَلُّوْنَ عَلَيْهِ، فاجتَمَعَ الخَلْقُ في الجَامِعِ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ في بَابِ الشَّامِ، ودَفَنُوْهُ، فَمَضَى الخَبَرُ إلى أَهلِ الجَامِعٍ: أَنَّه قد دُفِنَ، وكَانَ مُتَقَدِّمُهُم: أَبُو الفَضْلِ التَّمِيْميُّ (٢) فَقَالَ: مَنْ دَفنَهُ؟ قُومُوا مَعِي، فَقَامَ والخَلْقُ مَعَهُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ الَّتِي قَدْ دُفِنَ فِيْهَا فَنبَشَهُ، وحَمَلَهُ إِلَى الجَامِعَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهُ ودَفَنُوْهُ.
وكَانَ يحضُرُ مَجْلِسَهُ أَبُو حَامِدٍ الإسْفِرَائْيِنِيُّ، وأَبُو إِسْحَقَ بنُ شَاقِلَّا، وأَبُو حَفْصٍ البَرْمَكِيُّ، وعَلَّقَ مِنْ كَلامِهِ، وكَانَ يُمْلِي كلَّ يَوْمِ ثُلاثَاءَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الإمْلاءِ: صَعَدَ الكُرْسِيَّ وتَكَلَّمَ.
قَالَ العُشَارِيُّ: سَأَلَهُ أَبُو حَامِدٍ الإسْفِرَائِيْنيُّ يَوْمًا أَنْ يُجِيْزَ لَهُ شَيْئا قَدْ فَاتَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَامِدٍ، لَوْ قَنِعْنَا بالإجَازَةِ مَا سَافَرْنَا الأسْفَارَ البَعِيْدَةَ.
وقَالَ أَبُو عَليٍّ الغَضَائِرِيُّ: سُئِلَ ابنُ سَمْعُوْنَ عن قَوْلهِ تَعَالَى (٣):
= من سُكانه أو دفن فيه والله تعالى أعلم.(١) ذكره المؤلف في موضعه رقم (٦٧٣).(٢) ذكره المؤلف في موضعه رقم (٦٤١).(٣) سورة الأنعام، الآية: ٩٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute