وقيل: أولي الأحلام: العقلاء، ويكون لفظ (النهى) توكيدًا، وليس تأسيسًا، قال تعالى: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا﴾ [الطور: ٣٢]، ولما اختلف اللفظان عطف أحدهما على الآخر (١).
وفي كلا التفسيرين لا يلزم منه ترتيب البالغين، وإنما هو ترتيب البالغ، ثم من قرب منه سنًا: الأقرب فالأقرب.
الجواب الثاني:
بأن حديث قيس بن عباد، عن أبي بن كعب مُعَلٌّ بأكثر من علة منها:
العلة الأولى: أن قيس بن عباد كان في عهد عمر ﵁ رجلًا كبيرًا، فهو مخضرم، أدرك الجاهلية، فكيف يحتج به على حكم تأخير الصبي.
وأجيب:
بأن في رواية أبي مجلز، عن قيس بن عباد، قال أبي بن كعب: يا فتى لا يسؤك الله، إن هذا عهد من النبي ﷺ إلينا أن نليه.
وفي رواية إياس بن قتادة، عن قيس، وفيه: قال أبي بن كعب: يا بني لا يسؤك الله، فإني لم آتك الذي أتيتك بجهالة … إلخ. فكونه ناداه بلفظ:(يا فتى) وفي رواية بلفظ: (يا بني) دليل على أن قيسًا لم يكن كبيرًا.
وجاء في بدائع الفوائد عن الإمام أحمد:«قال -في رواية علي بن سعيد في الرجل الجاهل يقوم خلف الإمام، فيجيء من هو أعلم بالسنة منه، فيؤخره أو يدفعه ويقوم في مقامه-: لا أرى ذلك، فذكر له حديث قيس بن عباد حين أخره أبي ابن كعب؛ فقال: إنما كان غلامًا.
قال القاضي: إنما لم يجز تأخيره؛ لأنه كبير قد سبق إلى ذلك الموضع. وأجاب أحمد عن حديث أبى بأن قيسًا كان غلامًا» (٢).
(١) انظر: شرح النووي على مسلم (٤/ ١٥٥)، النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (١/ ١٠٢)، النهاية في غريب الحديث (١/ ٤٣٤) و (٥/ ١٣٩)، لسان العرب (١٢/ ١٤٦). (٢) بدائع الفوائد، ط: عطاءات العلم (٣/ ٩٦٣).