[م-١٠٧٤] اختلف الفقهاء في حكم علو الإمام على المأموم في مكان الصلاة:
قال الحنفية: يكره انفراده في مكان مرتفع بلا عذر، فإن كان مع الإمام بعض القوم لم يكره في الأصح، وكذا إن كان الارتفاع لعذر (١).
جاء في البحر الرائق:«قيد بالانفراد؛ لأنه لو قام بعض القوم مع الإمام، قيل: يكره. والأصح أنه لا يكره، وبه جرت العادة في جوامع المسلمين في أغلب الأمصار»(٢).
وقال المالكية: إن قصد بِعُلِوِّه الكِبْرَ بطلت صلاتُه، وإن لم يقصده ففي المذهب قولان، أحدهما: الكراهة، قال الدردير: وهو المعتمد (٣).
والثاني: يحرم، وهو ظاهر قول ابن القاسم في المدونة، واختاره جماعة المالكية (٤).
(١) جاء في كنز الدقائق في معرض ذكر مكروهات الصلاة (ص: ١٧٤): «كره .... انفراد الإمام على الدكان وعكسه». وقال في البحر الرائق (٢/ ٢٩): وهذا كله عند عدم العذر، وأما عند العذر كما في الجمعة والعيدين فإن القوم يقومون على الرفوف والإمام على الأرض، ولم يكره ذلك؛ لضيق المكان». وانظر: الأصل للشيباني (١/ ١٩)، المبسوط (١/ ٣٩)، تحفة الفقهاء (١/ ١٤٣)، البحر الرائق (٢/ ٢٨)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار (ص: ٨٨)، بدائع الصنائع (١/ ١٤٦)، الهداية شرح البداية (١/ ٦٤)، حاشية ابن عابدين (١/ ٥٦٨، ٦٤٧). ونقل ابن عابدين عن الرملي، أنه قال: هذا التعليل -يعني التعليل بالتشبه- يقتضي أنها تنزيهية، والحديث المتقدم يقتضي أنها تحريمية، إلا أن يوجد صارف. تأمل». (٢) البحر الرائق (٢/ ٢٩). (٣) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٣٦)، منح الجليل (١/ ٣٧٥)، مواهب الجليل (٢/ ١١٨)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (٢/ ٤٩٧). (٤) جاء في التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٢٤٨): «ولا يصلي الإمام على شيء أرفع مما يصلي عليه أصحابه، فإن فعل أعادوا أبدًا؛ لأنهم يعبثون، إلا الارتفاع اليسير مثل ما كان بمصر، فتجزئهم الصلاة». وانظر قول ابن القاسم في: المدونة (١/ ١٧٥). وقال المازري في شرح التلقين: (٢/ ٧٠٠): «مذهبنا منع الإمامة، والإمام أرفع مما عليه المأمون، فإن فعل ففي المدونة: تعاد الصلاة أبدًا؛ لأنهم يعبثون، إلا أن يكون الارتفاع يسيرًا، فتجزيهم الصلاة». فكونه أوجب الإعادة أبدًا في الوقت وغيره دليل على البطلان. وانظر: الشرح الكبير (١/ ٣٣٦)، التاج والإكليل (٢/ ٤٥١)، جواهر الدرر (٢/ ٣٦٩)، مواهب الجليل (٢/ ١١٨).