ولم ينفرد به أبو عوانة، بل تابعه عليه أيوب بن عائذ الطائي، عن بكير بن الأخنس به (١).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن الله تعالى قال: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١] ولا تقصر إلا ما كان تامًا قبل القصر.
والآية دليل على أن القصر مباح، وليس بواجب، والقرآن يفسر بعضه بعضًا.
قال القاضي أبو يعلى: «دليلنا: قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١]، وقوله: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ يستعمل في الإباحة؛ كقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٤]، وقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾ [النور: ٦٠]، وقوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، وقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]، وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ [النور: ٦١]، فدل من هذا الوجه على أن القصر مباح، وليس بواجب.
فإن قيل: هذه اللفظة قد تستعمل في الواجب؛ كقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨]، ولا خلاف أن السعي واجب.
قيل له: رفع الجناح عاد إلى ما اعتقدته الصحابة ﵃ من التحرج لأجل الصنمين اللذين كانا هناك … » (٢).
الوجه الثاني:
قد ثبت عن عائشة أنها كانت تتم في السفر، فلو كانت ترى أن فرضه ركعتان ما جاز لها أن تتم الصلاة.
(١) صحيح مسلم (٦ - ٦٨٧).(٢) التعليقة الكبرى (٢/ ٤٨٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute