قال في الإنصاف:«لا يعذر أيضًا بالعمى إذا وجد من يقوده»(٢).
وقال القاضي حسين والمتولي من الشافعية:«تلزمه إن أحسن المشي بالعصا بلا قائد»(٣).
وهذا القول ليس قولًا مستقلًا، بل يرجع إلى قول الجمهور: لأن من أحسن المشي بالعصا بلا قائد يصدق عليه أنه قادر بنفسه.
• دليل من قال: العمى ليس بعذر إن قدر بنفسه أو بالقائد:
الدليل الأول:
(ح-٣٠٣٠) ما رواه مسلم من طريق مروان الفزاري، عن عبيد الله بن الأصم قال: حدثنا يزيد بن الأصم،
عن أبي هريرة قال: أتى النبي ﷺ رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله ﷺ أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له. فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ فقال: نعم. قال: فأجب (٤).
[غريب من حديث أبي هريرة، لم يروه عن أبي هريرة إلا يزيد بن الأصم، ولا عنه إلا ابن أخيه عبيد الله](٥).
وجه الاستدلال:
الرسول ﷺ علق وجوب الإجابة بسماع النداء من الأعمى وغيره، فلم يعد العمى مع سماع النداء عذرًا له في التخلف إذا كان قادرًا بنفسه، أو كان له قائد.
(١) بدائع الصنائع (١/ ١٥٦)، الجوهرة النيرة (١/ ٩٠)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٩١)، تحبير المختصر (١/ ٥٢٥)، التاج والإكليل (٢/ ٥٦٠)، منح الجليل (١/ ٤٥٣)، المهذب للشيرازي (١/ ٢٠٥)، بحر المذهب للروياني (٢/ ٣٧٥)، حلية العلماء (٢/ ٢٢٣)، التهذيب للبغوي (٢/ ٣٣٤)، فتح العزيز (٤/ ٦٠٧)، المجموع (٤/ ٤٨٦)، معونة أولي النهى (٢/ ٤٠٨)، مطالب أولي النهى (١/ ٧٠٤)، الإنصاف (٢/ ٣٠٢). (٢) الإنصاف (٢/ ٣٠٢). (٣) المجموع (٤/ ٤٨٦). (٤) صحيح مسلم (٢٥٥ - ٦٥٣). (٥) سبق تخريجه في هذا المجلد، انظر: (ح-٢٨٠٩).