وقيل: يؤمن في السرية، ويكره تأمينه في الجهرية، وهو المشهور من مذهب مالك، وهي رواية المصريين عنه، وحكى بعضهم إجماع العلماء على استحباب التأمين في السرية، والخلاف محفوظ (١).
وقيل: يخير الإمام إن شاء أمن، وإن شاء ترك، اختاره ابن بكير (٢).
• سبب الاختلاف:
بين ابن رشد سبب الاختلاف في كتابه بداية المجتهد، فقال:
= إلى قوله: (فإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين … ) فلو كان من سنة الإمام التأمين لكان يقول: فإذا قال: آمين، فقولوا: آمين .... » إلخ كلامه، ولم يفرق بين سرية وجهرية. وأكثر المالكية ينقلون في تحرير المذهب أن الإمام يؤمن في السرية بالاتفاق، وفي الجهرية على روايتين: إحداهما: لا يؤمن، وهي رواية المصريين عنه. والثانية: يؤمن، وهي رواية المدنيين عنه. قال خليل في التوضيح (١/ ٣٤٣): «ويؤمن الإمام إذا أسر اتفاقًا، فإذا جهر، فروى المصريون: لا يؤمن. وروى المدنيون: يؤمن .. والمشهور رواية المصريين». وفي النوادر والزيادات (١/ ١٨١): «قال ابن القاسم: لا يقول الإمام آمين إلا فيما أسرَّ به خاصة». وقال ابن شاس في عقد الجواهر الثمينة (١/ ٩٩): «ويؤمن الإمام إذا أسر، قال القاضي أبو الوليد: لم يختلف أصحابنا في ذلك». وقال اللخمي في التبصرة (١/ ٢٧٧): ويؤمن الإمام في صلاة السر، واختلف في صلاة الجهر … » وانظر: جامع الأمهات (ص: ٩٤)، المنتقى للباجي (١/ ١٦٢). (١) انظر رواية المصريين عن الإمام مالك في الحاشية السابقة. قال النووي في شرح مسلم (٤/ ١٣٠): «وقد اجتمعت الأمة على أن المنفرد يؤمن، وكذلك الإمام والمأموم في الصلاة السرية … ». ولا يصح الإجماع في السرية، فالخلاف محفوظ، كما تقدم بأنه رواية الحسن بن زياد عن أبي حنيفة، وهي خلاف المعتمد من مذهبه. وانظر: طرح التثريب (٢/ ٢٦٧). وقال ابن جزي في القوانين الفقهية (ص: ٤٤): «في التأمين .... وهو مستحب للفذ، والمأموم مطلقًا، وللإمام إذا أَسَرَّ اتفاقًا». يقصد اتفاقًا أي رواية واحدة، ولا يعني الإجماع الاصطلاحي. وانظر: جامع الإمهات (ص: ٩٤)، إرشاد السالك (١/ ١٧)، شرح الخرشي (١/ ٢٨٢)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (١/ ٣٢٦). (٢) الذخيرة للقرافي (٢/ ٢٢٣).