فالجواب: أن هذا الثناء والذكر فيه تعريض بالدعاء كما قال تعالى: ﴿وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. أي آخر دعائهم.
وقد قيل لسُفيان هذا الثناء، فأين الدعاء؟ فأنشد قول أمية بن أبي الصلت:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني … حباؤك إن شيمتك الحباء؟
إذا أثنى عليك المرء يومًا … كفاه من تعرضه الثناء
حباؤك: أي عطاؤك.
فكل واحد من الدعاء والذكر يتضمن الآخر، ويدخل فيه.
• وجه تفضيل الافتتاح بالتوجيه:
قال ابن الملقن: «وإنما قدم الشافعي الاستفتاح ب (وجهت وجهي) … لموافقة ألفاظ القرآن، وإلا فحديث أبي هريرة في الباب أقوى منه» (١).
جاء في معرفة السنن للبيهقي: «قال الشافعي: أصل ما نذهب إليه أن أول ما يبدأ بقوله، وفعله ما كان في كتاب الله، أو سنة رسوله ﷺ» (٢).
فذكر الشافعي سبب الترجيح، وأنه يعود لأمرين:
أحدهما: موافقة الكتاب العزيز، فيقدم على غيره من الافتتاحات.
والثاني: أنه سنة مرفوعة، وحديث (سبحانك الله وبحمدك) صح موقوفًا، والمرفوع أولى.
• ونوقش:
بأن الافتتاح ب (سبحانك اللهم وبحمدك … ) يوافق بعضه آيات من القرآن الكريم، مثل (تبارك اسمك) ومثل: (تعالى جدك).
• وجه تفضيل حديث أبي هريرة:
حديث أبي هريرة مما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، فهو أصح إسنادًا من حديث علي بن أبي طالب حيث انفرد به مسلم.
قال ابن حجر: «وحديث أبي هريرة أصح ما ورد في ذلك» (٣).
(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٧/ ٢١).
(٢) معرفة السنن (٢/ ٣٤٥).
(٣) فتح الباري لابن حجر (٢/ ٢٣٠).