للكعبة، وعليه إزاره، فقال له العباس عمُّه: يا ابن أخي، لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة قال: فحله وجعله على منكبه؛ فسقط مغشيًّا عليه، فما رُئِيَ بعد ذلك اليوم عريانًا (١).
الجواب الثاني:
أن أنسًا تعمد النظر إلى فخذ النبي ﷺ، لقوله:(حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله ﷺ) فالفاعل في الفعل المضارع (أنظر) هو أنس ﵁، وعبر بالمضارع الدال على تجدد الحدوث، ولو كان نظر أنس وقع عليه فجأة، لا تعمدًا، لم ينسب النظر إلى فعله، ولقال ﵁: فوقع نظري على ذلك، براءةً له من تعمد النظر إلى ما لا يحل، ولاستحيا أنس ﵁ من نقل ذلك، إذ كيف ينقل أنس ﵁ إلى الأمة أنه ينظر إلى عورة النبي ﷺ، ولو نقله لحرص أنس أن ينقل معه أنه صرف نظره مباشرة حتى لا يوهم أنه تعمد مثل هذا، ولو فرض الجهل من أنس في حكم النظر إلى العورة -وما أظن مثل هذا الحكم يجهله أحد- لعلمه الرسول ﷺ وبين له ما يحل وما يحرم، والله أعلم.
الجواب الثالث:
أن أنسًا ﵁ نقل لنا: أن ركبته كانت تمس فخذ النبي ﷺ، والمَسِيسُ لا يطلق إلا إذا كان بلا حائل، ولا يجوز لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه، قال ابن حجر: وهذا بالاتفاق (٢).
وظاهر حديث البخاري أنه يدل على استمرار المسيس طيلة جريانه في زقاق خيبر، ولفظها: فأجرى نبي الله ﷺ في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله ﷺ … الحديث (٣).
وعبر بالمضارع الدال على الاستمرار، وأكده بعاملين:(إن) ودخول اللام على الفعل المضارع، ولو عبر بالماضي لقيل: ربما حدث ذلك مرة واحدة من غير
(١) صحيح البخاري (٣٦٤)، ومسلم (٣٤٠). (٢) فتح الباري (٩/ ٣٣٩). (٣) صحيح البخاري (٣٧١).