تَحَدَّثْنَاهُ بَيْنَنَا، قَالَ: فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَوتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بنُ زَيْدٍ زَوْجُ فاطِمَةَ: يَا عُمَرُ أرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الحَقُّ في غَيْرِ دِينِكَ؟ فَضَرَبَ عُمَرُ سَعِيدَ بنَ زَيْدٍ ضَربَةً شَدِيدَةً، فَسَقَطَ، فَقامَتْ فاطِمَةُ لَتَمْنَعَ زَوْجَها سَعِيدًا مِنْ عُمَرَ، فَضَرَبَهَا عُمَرُ فَشَجَّهَا حَتَّى سَالَ مِنْهَا الدَّمُ، فَلَمَّا فَعَلَ عُمَرُ بِهِمْ ذَلِكَ قَالا لَهُ: نَعَمْ قَدْ أَسْلَمْنَا، وآمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولهِ، فاصْنَعْ ما بَدا لَكْ! ! .
فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ ما بِأُخْتِهِ مِنَ الدَّمِ نَدِمَ عَلَى ما صَنَعَ، وارْعَوَى (١)، وهَدَأَتْ نَفْسُهُ، فَقَالَ لِأُخْتِهِ: أعْطِينِي هَذِهِ الصَّحِيفَةَ التِي سَمِعْتُكُمْ تَقْرَأُونَها آنِفًا، أنْظُرْ ما هَذَا الذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ -وَكانَ عُمَرُ يَقْرَأُ وَيَكْتُبُ- فَقالَتْ لَهُ أُخْتُهُ فاطِمَةُ: إنَّا نَخْشاكَ عَلَيْهَا، قَالَ: لا تَخافِي، وحَلَفَ لَهَا بآلِهَتِهِ لَيَرُدَّنَّهَا إلَيْهَا إِذَا قَرَأَها، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ، طَمِعَتْ في إسْلامِهِ، فَقالَتْ لَهُ: يا أخِي إنَّكَ نَجِسٌ عَلَى شِرْكِكَ، وإنَّهُ لا يَمَسُّها إِلَّا المُطَهَّرُونَ، فَقُمْ فاغْتَسِلْ، فَقامَ عُمَرُ فاغْتَسَلَ، فَأَعْطَتْهُ الصحِيفَةُ، فَقَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (٤) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢).
حَتَّى انتهَى إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (٣).
(١) ارْعَوَى: كفَّ وارْتَدَع. انظر لسان العرب (٥/ ٢٥٣).(٢) سورة طه آية (١ - ٥).(٣) سورة طه آية (١٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute