الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} (١).
فَأَيْنَ مَا أَرَادَتْهُ العُصْبَةُ المُسْلِمَةُ لِنَفْسِهَا مِمَّا أرَادَهُ اللَّهُ لَهَا؟ لَقَدْ كَانَتْ تَمْضِي -لَوْ كَانَتْ لَهُمْ غَيْرُ ذَاتِ الشَّوْكَةِ- قِصَّةَ غَنِيمَةٍ. . . قِصَّةَ قَوْمٍ أغَارُوا عَلَى قَافِلَةٍ فَغَنِمُوهَا! فَأَمَّا بَدْرٌ فَقَدْ مَضَتْ في التَّارِيخِ كُلِّهِ قِصَّةَ عَقِيدَةٍ. . . قِصَّةَ نَصْرٍ حَاسِمٍ وَفَرْقًا بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ. . . قِصَّةَ انْتِصَارِ الحَقِّ عَلَى أَعْدَائِهِ المُدَجَّجِينَ بِالسِّلَاحِ، المُزَوَّدِينَ بِكُلِّ زَادٍ، وَأَهْلُ الحَقِّ في قِلَّةٍ مِنَ العَدَدِ، وضَعْفٍ في الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ. . . قِصَّةُ انْتِصَارِ القُلُوبِ حِينَ تَتَّصِلُ بِاللَّهِ، وَحِينَ تَتَخَلَّصُ مِنْ ضَعْفِهَا الذَّاتِيِّ، بَلْ قِصَّةُ انْتِصَارِ حَفْنَةٍ مِنَ القُلُوبِ بَيْنَهَا الكَارِهُونَ لِلْقِتَالِ! وَلَكِنَّهَا بِبَقِيَّتِهَا الثَّابِتَةِ المُسْتَعْلِيَةِ عَلَى الوَاقِعِ المَادِّيِّ، وَبِيَقِينِهَا في حَقِيقَةِ القُوَى وَصِحَّةِ مَوَازِينِهَا، قَدِ انتصَرَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَانتصَرَتْ عَلَى مَنْ فِيهَا، وَخَاضَتِ المَعْرَكَةَ وَالكِفَّةُ رَاجِحَةٌ رُجْحَانًا ظَاهِرًا في جَانِبِ البَاطِلِ، فَقَلَبَتْ بِيَقِيِنهَا مِيزَانَ الظَّاهِرِ، فَإِذَا الحَقُّ رَاجِحٌ غَالِبٌ (٢).
* قَادَةُ الصَّحَابَةِ يَتَكَلَّمُونَ:
فَعِنْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمَ قَادَةُ المُهَاجِرِينَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ وَأَحْسَنَ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا،
(١) سورة الأنفال آية (٥ - ٧).(٢) انظر في ظلال القرآن (٣/ ١٤٨٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute