فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} ثم قرأ {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (١).
ثُمَّ سَجَدَ، لَمْ يَتَمالَكْ أَحَدٌ نَفْسَهُ حَتَّى خَرَّ ساجِدًا، وفِي الحَقِيقَةِ كَانَتْ رَوْعَةُ الحَقِّ قَدْ صَدَّعَتِ العِنادَ في نُفُوسِ المُسْتَكْبِرِينَ والمُسْتَهْزِئِينَ، فَمَا تَمَالَكُوا إِلَّا أَنْ يَخِرُّوا للَّهِ ساجِدِينَ.
وسُقِطَ في أيْدِيهِمْ لَمَّا أحَسُّوا أَنَّ جَلالَ كَلامِ اللَّهِ لَوَى زِمامَهُمْ، فارْتَكَبُوا عَيْنَ ما كَانُوا يَبذُلُونَ قُصَارَى جُهْدِهِمْ في مَحوِهِ وإفْنائِهِ، وَقَدْ تَوالَى عَلَيْهِمُ اللَّوْمُ والعِتابُ مِنْ كُلِّ جانِبٍ، مِمَّنْ لَمْ يَحضُرْ هَذَا المَشْهَدَ مِنَ المُشْرِكِينَ، وعِنْدَ ذَلِكَ كَذَبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وافتروْا عَلَيْهِ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَى أصنامِهِمْ بِكَلِمَةِ تَقْدِيرٍ، وأنَّهُ قَالَ عَنْها: "تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلَى، وَإِنَّ شَفاعَتَهُمْ لَتُرْتَجَى" جاؤُوا بِهَذا الإِفْكِ المُبِينِ، لِيَعْتَذِرُوا عَنْ سُجُودِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولَيْسَ يُسْتَغْرَبُ هَذَا مِنْ قَوْمٍ كَانُوا يَألَفُونَ الكَذِبَ، ويُطِيلُونَ الدَّسَّ والِافْتِراءَ (٢).
* قِصَصٌ كَثِيرَة تَدُلُّ عَلَى انْبِهَارِ الكُفَّارِ بِالقُرآنِ:
قُلْتُ: القِصَصُ كَثِيرَةٌ التِي تَدُلُّ عَلَى انْبِهارِ الكُفَّارِ بِالقُرآنِ الكَرِيمِ، وأنَّهُمْ
(١) سورة النجم آية (٥٣ - ٦٢).(٢) انظر الرحيق المختوم ص ٩٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute