بَعْدِهِ، وكَانَ ذَا شَرَفٍ في قَوْمِهِ، وَفَضْلٍ، وكانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّيهِ: الفَيْضَ لِسَخَائِهِ وفَضْلِهِ.
ولَمَّا صَارَ شَيْبَةُ بنُ هَاشِمٍ وَصِيفًا (١) أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ سَمعَ بِهِ، المُطَّلِبُ فَرَحَلَ في طَلَبِهِ فَلَمَّا رَآه عَرَفَ شَبَهَ أبِيهِ فِيهِ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وضَمَّهُ إلَيْه، وَكَسَاهُ حُلَّةً، وأَرْدَفه عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ شَيْبَةُ لِعَمِّهِ: لَسْتُ بِمُفَارِقٍ أمِّي إلَّا أَنْ تأْذَنَ لِي, فَسَألهَ المُطَّلِبُ أَنْ تُرْسِلَهُ مَعَهُ فَأَبَتْ، فَقَالَ لَهَا: إنِّي غَيْرُ مُنْصَرِفٍ حتَّى أخْرُجَ بِهِ مَعِي، إِنَّ ابنَ أخِي قَدْ بَلَغَ وهُوَ غَرِيبٌ في غَيْرِ قَوْمِهِ، ونَحْنُ أهْلُ بَيْتِ شَرَفٍ فِي قَوْمِنَا، نَلِي كَثِيرًا مِنْ أَمْرِهِمْ، وقَوْمُهُ وبَلَدُهُ وعَشِيرتُهُ خَيْر لَهُ مِنَ الإقَامَةِ في غَيْرِهِمْ، فَأَذِنَتْ له فَاحْتَمَلَهُ فَدَخَلَ بِهِ مَكَّةَ مُرْدِفَهُ عَلَى بَعِيرِهِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هذا المُطَّلِبُ اشْترَى عَبْدًا فُسُمِّيَ شَيْبَةُ عَبْدَ المُطَّلِبِ.
فَقَالَ المُطَّلِبُ: وَيْحَكُمْ! إنَّمَا هُوَ ابْنُ أخِي هَاشِمٍ قَدِمْتُ بِهِ مِنَ المَدِينَةِ (٢).
* وفَاةُ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ:
فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ المُطَّلِبِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ حَتَّى تَرَعْرَعَ ثُمَّ إِنَّ المُطَّلِبَ بنَ عَبْدِ مَنَافٍ خَرَجَ تَاجِرًا فَهَلَكَ في مَنْطِقَةِ رَدْمَانَ مِنْ أَرْضِ اليَمَنِ، فَوَليَ بَعْدَهُ عَبْدُ المُطَّلِبِ السِّقَايَةَ، والرِّفَادَةَ فَأَقَامَهَا لِلنَّاسِ، وأَقَامَ لِقَوْمِهِ مَا كَانَ آبَاؤُهُ يُقِيمُونَ
(١) الوَصِيفُ: هُوَ الغُلَامُ دُونَ المُرَاهِقِ. لسان العرب (١٥/ ٣١٦).(٢) انظر تاريخ الطبري (١/ ٥٠١، ٥٠٢) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٣٧) - الرَّوْض الأُنُف (١/ ٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute