الصَّحِيحِ، فَذَكَرَ: أَنَّ مُسَيْلِمَةَ قَدِمَ مَعَ وَفْدِ قَوْمِهِ، وَأنَّهُمْ تَرَكُوهُ فِي رِحَالِهِمْ يَحْفَظُهَا لَهُمْ، وَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَخَذُوا مِنْهُ جَائِزَتَهُ، وَأَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لَهُمْ عَنْ مُسَيْلِمَةَ: "لَيْسَ بِشَرِّكُمْ"، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ لَمَّا ادَّعَى أَنَّهُ أُشْرِكَ فِي النُّبُوَّةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- احْتَجَّ بِهذِهِ الْمَقَالَةِ.
وَهذَا مَعَ شُذُوذِهِ ضَعِيف الْإِسْنَادِ لِانْقِطَاعِهِ، وَأَمْرُ مُسَيْلِمَةَ كَانَ عِنْدَ قَوْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ كَانَ يُقَالُ لَهُ: رحمَانُ الْيَمَامَةِ لِعِظَمِ قَدْرِهِ فِيهِمْ، وَكَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا الْخَبَرُ الضَّعِيفُ مَعَ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اجْتَمَعَ بِهِ وَخَاطَبَهُ، وَصَرَّحَ له بِحَضْرَةِ قَوْمِهِ أَنَّهُ لَوْ سَأَلهُ قِطْعَةَ الْجَرِيدَةَ مَا أَعْطَاهُ (١).
قُلْتُ: سَيَأْتِي خَبَرُ تَنَبُّؤِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
* رُجُوعُ الْوَفدِ إِلَى اليَمَامَةِ:
وَلَمَّا أَرَادَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ الرُّجُوعَ إِلَى الْيَمَامَةِ أَعطَاهُم رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِدَاوَةً (٢) فِيهَا مَاءٌ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا سِتَّةً وَفْدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، خَمسَةٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَبَايَعنَاهُ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّ بِأَرْضِنَا
(١) انظر فتح الباري (٨/ ٤٢٢).(٢) الْإِدَاوَة: بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء. انظر لسان العرب (١/ ١٠٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute