فَمنْ ثَمَّ سَلَكَ العُلَمَاءُ المُحَقِّقُونَ فِي مَقَالَةِ ابنِ إِسْحَاقَ عَلَى "بَيْعَةِ النِّسَاءِ" مَسَالِكَ:
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وَقَوْلُهُ -أَيْ ابنُ إِسْحَاقَ- عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءَ، يَعْنِي: عَلَى وَفْقِ مَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ آيِةُ بَيْعَةِ النِّسَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ هَذَا مِمَّا نَزَلَ عَلَى وَفْقِ مَا بَايَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، وَلَيْسَ هَذَا بِعَجِيبٍ، فَإِنَّ القُرآنَ نَزَلَ بِمُوَافَقَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- فِي غَيْرِ مَا مَوْطِنٍ كَمَا بَيَنَّاهُ فِي سِيرَتِهِ، وَفِي التَّفْسِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ هذِهِ البَيْعَةُ وَقَعَتْ عَنْ وَحْيٍ غَيْرِ مَتْلُوٍّ فَهُوَ أَظْهرُ، وَاللَّهُ أعلَمُ (١).
* الصَّحِيحُ فِي هذِهِ البَيْعَةِ:
وَالصَّحِيحُ هُوَ مَا قَالَهُ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: أَنَّ المبايَعَةَ المَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ -رضي اللَّه عنه- عَلَى الصِّفَةِ المَذْكُورَةِ لَمْ تَقَعْ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ الذِي وَقَعَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ مَا ذَكَرَ ابنُ إِسْحَاقَ (٢) وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ المَغَازِي أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ لِمَنْ حَضَرَ مِنَ الأنْصَارِ: "أُبايِعُكُم عَلَى أَنْ تَمنَعُوني مِمَّا تَمنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُم وَأَبْنَاءَكُم"، فبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى أَنْ يَرحَلَ إِلَيْهم هُوَ وَأَصحَابهُ، وَمِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ -رضي اللَّه عنه- أَيْضًا عِنْدَ البُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ: بَايَعنَا
(١) انظر البداية والنهاية (٣/ ١٦٢).(٢) انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٤٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute