رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ مَا وَصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الإِقْشَعْرِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُحَاوَلَةٌ تَشْغَلُنِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي نَحْوَهُ أُومِئُ بِرَأْسِيَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَلَمَّا انْتهَيْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ ، قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ سَمِعَ بِكَ وبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَكَ لِهَذَا، قَالَ: أَجَلْ أَنَا في ذَلِكَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُنيْسٍ -رضي اللَّه عنه-: فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا، حَتَّى إِذَا أمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ السَّيْفَ حَتَّى قتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ، وَترَكْتُ ظَعَائِنَهُ مُكِبَّاتٍ (١) عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَرَآنِي، قَالَ: "أفْلَحَ الوَجْهُ"، قُلْتُ: قتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "صَدَقْتَ"، قَالَ: ثُمَّ قَامَ مَعِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَدَخَلَ بِي بَيْتَهُ، فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ: "أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُنَيْسٍ"، قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ العَصَا؟ .
قُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَهَا.
قَالُوا: أَوَلَا تَرْجعُ إلى رَسُولِ اللَّهِ فتَسْأَلهُ عَنْ ذَلِكَ؟ .
قَالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ أَعْطَيْتَنِي هَذِهِ العَصَا؟ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "آيَةٌ (٢) بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ
(١) أَكَبَّ على الشيء: أقبَلَ عليهِ ولَزِمَه. انظر لسان العرب (١٢/ ٨).(٢) الآية: العَلَامة. انظر النهاية (١/ ٨٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute