وأنزل بعض أهل اللغة العلم منزلتين: علمًا بالشيء قبل وجوده، وعلمًا به بعد وجوده، والحكم للعلم الموجود؛ لأنه يوجب الثواب والعقاب، فمعنى قوله {لِنَعْلَمَ} أي: لنعلم العلم الذي يستحق به (٣) العامل الثواب أو العقاب (٤) وهذا على معنى التقرير، كرجل قال لصاحبه: النار تحرق الحطب. فقال الآخر: لا ترد عليه هات الحطب والنار لتعلم أنها تحرقه، أي: ليتقرر علم ذلك عندك. فقوله {لِنَعْلَمَ} تقديره: لنُقَرِّر علمَنا عندكم (٥).
وقيل (٦): معناه {لِنَعْلَمَ} محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فأضاف علمه - صلى الله عليه وسلم - إلى نفسه تخصيصًا وتفضيلًا كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ}(٧) وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا}(٨) ونحوهما.
(١) البقرة: ٩١. (٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٢٣. وراجع تفسير الآية (٩١). (٣) ساقطة من النسخ الأخرى، والمثبت من (س). (٤) في (ج): والعقاب. وفي (ت): أو العقاب عليه. (٥) "الوسيط" للواحدي ١/ ٢٢٦، "تفسير القرآن" للسمعاني ٢/ ٨٣، "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ١٦٠، "مفاتيح الغيب" للرازي ٤/ ١٠٤. (٦) من (ج). وفي باقي النسخ: وقيل قوله ليعلم. (٧) الأحزاب: ٥٧. (٨) الزخرف: ٥٥. انظر: "جامع البيان" للطبري ٢/ ١٣، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ٢/ ١٤٣، "البحر المحيط" لأبي حيان ١/ ٥٩٧، "مفاتيح الغيب" للرازي ٤/ ١٠٤، "لباب التأويل" للخازن ١/ ١١٩. ورجحَ الطبري هذا القول.