«إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَشْتَهِي الطَّائِرَ وَهُوَ يَطِيرُ، فَيَقَعُ مُتَفَلِّقًا نَضِيجًا فِي كَفِّهِ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ نَفْسُهُ، ثُمَّ يَطِيرُ، وَيَشْتَهِي الشَّرَابَ، فَيَقَعُ الْإِبْرِيقُ فِي يَدِهِ، وَيَشْرَبُ مِنْهُ مَا يُرِيدُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ» (١)
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً، يَكْفَؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ (٢)، نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ (٣)» قَالَ: فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ، أَبَا الْقَاسِمِ أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً - كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: إِدَامُهُمْ بَالَامُ وَنُونٌ، قَالُوا: وَمَا هَذَا؟ قَالَ -أي اليهودي-: «ثَوْرٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا» (٤)
وفي صحيح مسلم أَنَّ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ … فذكر الحديث وفيه: قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ»، قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ: «يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا» قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ .... الحديث (٥)
(١) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (٢٠/ ٦٤٦) وروى ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (١٢٨) آخره وجود إسناده المنذري وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣٧٣٨).(٢) قال الحافظ في فتح الباري (١١/ ٣٧٣): قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَعْنِي خُبْزَ الْمَلَّةِ الَّذِي يَصْنَعُهُ الْمُسَافِرُ فَإِنَّهَا لَا تُدْحَى كَمَا تُدْحَى الرُّقَاقَةُ وَإِنَّمَا تُقَلَّبُ عَلَى الْأَيْدِي حَتَّى تَسْتَوِيَ وَهَذَا عَلَى أَنَّ السَّفَرَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ جَمْعُ سُفْرَةٍ وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلْمُسَافِرِ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ السُّفْرَةُ ا. هـ(٣) قال الحافظ في فتح الباري (١١/ ٣٧٣): النُّزُلُ بِضَمِّ النُّونِ وَبِالزَّايِ وَقَدْ تُسَكَّنُ مَا يُقَدَّمُ لِلضَّيْفِ وَلِلْعَسْكَرِ يُطْلَقُ عَلَى الرِّزْقِ وَعَلَى الْفَضْلِ وَيُقَالُ أَصْلَحَ لِلْقَوْمِ نُزُلَهُمْ أَيْ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَيْهِ مِنَ الْغِذَاءِ وَعَلَى مَا يُعَجَّلُ لِلضَّيْفِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَهُوَ اللَّائِقُ هُنَا ا. هـ(٤) صحيح البخاري (٦٥٢٠) وصحيح مسلم (٢٧٩٢).(٥) صحيح مسلم (٣١٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute