تأملوا هذا الموقف الذي أخبرنا عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حين يؤتى بجهنم يوم القيامة. ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري:«ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ»(١)
وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» وجاء أيضًا مرفوعًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢).
فتأمل كثرة عدد الملائكة الذين يأتون بالنار يومَ القيامة! قال الله -جل وعلا-: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤)} [الفجر]
انظر كيف يؤتى بجهنم؟ يُؤتَى بها ولها سبعون ألفَ زمامٍ، مع كلِّ زمامٍ سبعون ألفَ ملكٍ يجرونها! فلك أن تتأمل عِظَمَ هذا الخلق الرهيب الذي جعل الله -عز وجل- معه سبعين ألفَ ملكٍ لكل زمام! فهذا يدل على عظمتها، نسأل الله السلامة والعافية.
قوله تعالى:{بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً} أي: تأتيهم فجأة فتُحيِّرُهم؛ لأنهم إن أرادوا الصبر عليها لم يقدروا، وإن أرادوا ردَّها {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} بسبب من الأسباب، {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} لا يُمهَلُون؛ ليستريحوا طَرْفَةَ عينٍ لتمام مدة الإنظار قبله، نسأل الله السلامة والعافية.