الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال -عليه الصلاة والسلام-: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»(١). فكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- وكذا سائر الأنبياء من أعبد الناس وأكثرهم تعبُّدًا لله -جل وعلا-.
وأرشد -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- إلى صيام نبي الله داود -عليها السلام-.
فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: أُخبِر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله لأصومنَّ النهار، ولأقومنَّ الليل ما عشت. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنْتَ الَّذِي تَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ» قلت: قد قلته. قال:«إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ» فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله. قال:«فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْن» قال: قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال:«فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ» قلت: إني أطيق أفضل منه يا رسول الله، قال:«لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ»(٢).
[الرسالة والنبوة مختصة بالرجال]
والأنبياء كانوا من الرجال وكانوا ذكورًا، وهذا الذي ذَهَبَ إليه كثير من أهل العلم؛ لأنَّ الله -جل وعلا- يقول:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ}[الأنبياء: ٧].
وذَكَرَ بعض العلماء ما يتعلق بنبوة مريم -عليها السلام- ونبوة غيرها من النساء والصحيح الذي عليه الجمهور -ونقل عليه الإجماع- أنه ليس في النساء نبيَّةٌ يُوحَى إليها (٣).
يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: بَلْ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ نَبِيَّةٌ، كَمَا تَقُولُهُ: عَامَّةُ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ ذَكَرَ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلُ: الْقَاضِيَيْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ
(١) البخاري (١١٣٠)، (٤٨٣٦)، (٦٤٧١) ومسلم (٢٨١٩) عن المغيرة -رضي الله عنه- والبخاري (٤٨٣٧) ومسلم (٢٨٢٠) عن عائشة -رضي الله عنها-. (٢) البخاري (١٩٧٦)، (٣٤١٨)، ومسلم (١١٥٩). (٣) انظر: تفسير ابن كثير ت سلامة (٤/ ٤٢٣)، الموسوعة العقدية - الدرر السنية (٤/ ٢٢، بترقيم الشاملة)