والتي ورد ذكرها في الكتاب والسنة يقول العلامة الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله- (١): "يدخل في ذلك خمسة من التقادير كلها ترجع إلى العلم" ثم ذكر التقدير الأول: وهو كتابة ذلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة يدل على ذلك قول الله-سبحانه-: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[الحديد: ٢٢]. وفي الحديث:«كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ-قَالَ-وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»(٢) إذًا هذا يدخل في علم الله فنحن نؤمن بأن الله -عز وجل- كَتَبَ مقادير الخلائق قبل أن يخلقها.
النوع الثاني من أنواع التقادير: التقدير العمري، وهو حينما أخذ الله الميثاق من الناس، يقول ربُّنا سبحانه:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}[الأعراف: ١٧٢] وجاء في هذه الآية حديثٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله لما أخرج ذرية آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم ثم أفاض بهم في كَفَّيه، وقال: هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار، فأهلُ الجنة ميسَّرون لعمل أهل الجنة، وأهلُ النار ميسَّرون لعمل أهل النار، والحديثُ جاء من طرق وجاء في تفسير هذه الآية المباركة وسيأتي ذكره -إن شاء الله- (٣).
كذلك النوع الثالث من أنواع التقادير: التقدير العمري، فما من إنسان إلا ويكتب الله -عز وجل- ما يكون منه عند خلقه كما جاء بذلك الحديث، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا-يعني نطفة-ثُمَّ يَكُونُ في ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ في ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ … »(٤)
إذًا هذه كتابة أخرى، وهذا يدل على علم الله السابق.
(١) أعلام السنة المنشورة (ص: ٨١). (٢) أخرجه مسلم (٢٦٥٣) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- (٣) سيأتي ذكره في المبحث التالي. (٤) صحيح البخاري (٣٢٠٨)، وصحيح مسلم (٢٦٤٣) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.