هذا الأعرابي جزم جزمًا تامًّا بأنه يحب الله ورسوله، فهل يستطيع الواحد منَّا أن يكون في صدقه وفي جزمه في هذا الأمر كهذا الصحابي؟!
-نسأل الله -جل وعلا- أن يجعلنا من أولئك-.
كذلك جاء في صحيح الإمام البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- في مجلس يحدِّث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدِّث، فقال بعضُ القوم: سمع ما قال فَكَرِهَ ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قَالَ: «أَيْنَ-أُرَاهُ-السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قال: ها أنا يا رسول الله. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قال: كيف إضاعتُها؟ قال:«إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»(١).
فهذه الأحاديث كلُّها تُبيِّن كثرة التساؤلات التي وقعت من بعض الناس متى تكون الساعة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يبين أن الساعةَ غيبٌ لا يعلمه إلا الله.
وفي حديث جبريل لما سأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "متى الساعة؟ " -يعني: متى تقوم الساعة؟ فأجاب -صلى الله عليه وسلم-: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»(٢)
فدلَّ هذا على أن الساعة غيبٌ لا يعلمه إلا الله.
[الساعة حق]
وهي حقٌّ لا ريب فيه كما قال ربُّنا -جل وعلا-: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩)} [آل عمران]،
وقال -جل وعلا- في قصة أصحاب الكهف:{وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}[الكهف: ٢١]