وجاء في مسند الإمام أحمد من حديث حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَهْزِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إِنِّي حَلَفْتُ هَكَذَا وَنَشَرَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ حَتَّى تُخْبِرَنِي مَا الَّذِي بَعَثَكَ اللهُ بِهِ؟ قال:«بَعَثَنِي اللهُ بِالْإِسْلَامِ» إلى أن قال النبي -صلى الله عليه وسلم- له:«هَاهُنَا تُحْشَرُونَ. هَاهُنَا تُحْشَرُونَ. هَاهُنَا تُحْشَرُونَ.، ثَلَاثًا، رُكْبَانًا وَمُشَاةً، وَعَلَى وُجُوهِكُمْ» وفي رواية: « … وَتُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِكُمْ» ثم قال «تُوفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ … »(١) الحديث.
فبَيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الناس يحشرون يوم القيامة على طرائق، فمنهم من يحشر مكرمًا، ومنهم من يحشر على هيئة الذل والمهانة، نسأل الله -جل وعلا- السلامة.
وفي الصحيحين عن أنس -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا نبي الله، يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال:«أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟!»(٢)
ويقول في بيان حال المشركين: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨)} [يونس].
يقول الطبري -رحمه الله-: " يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع الخلق لموقف الحساب جميعًا {ثُمَّ نَقُولُ} حينئذ {لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا} بالله الآلهة والأنداد {مَكَانَكُمْ} أي: امكثوا مكانكم وقفوا في موضعكم {أَنْتُمْ} أيها المشركون {وَشُرَكَاؤُكُمْ} الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الآلهة والأوثان {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} يقول: ففرَّقْنا بين المشركين بالله وما أشركوه به"(٣) وهنا يبدأ كلُّ واحد يتبرأ من الآخر، ويُكذِّب الآخر.
(١) أخرجه الترمذي (٣١٤٣) وأحمد (٢٠٠١١). (٢) تقدم (ص: ١٣٠). (٣) تفسير الطبري (١٢/ ١٧٠)