كذلك مما يتعارض مع هذا الباب: التألي على الله -عز وجل- كأن يقول بعض الناس: واللهِ لا يغفر الله لفلان أو واللهِ لا يفعل -عز وجل- كذا وكذا؛ فهذا مما ينافي الإيمان بالقدر؛ لأن العواقب وعلم الغيب عند الله لا يعلمها أحدٌ إلا الله، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ؟! فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ»(١).
ربما ترى بعض الناس عاصيًا مقصِّرًا في جنب الله -سبحانه- فيَحمِلُ هذا الأمرُ أو الغيظُ بعضَ الناس على أن يقول: هذا رجل لا يمكن أن يتوب الله عليه، ولا يمكن أن يغفر الله -عز وجل- له. وهذا لا يجوز؛ لأنه لا يعلم عواقب الأمور إلا الله.
تاسعا: سب الدهر:
ومن الأخطاء والأقوال المحرمة سب الدهر، وفيه سوء أدب مع الله، واعتراض على قدر الله وقضائه. وقد جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «قَالَ اللَّهُ -عز وجل-: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»(٢) وفي رواية: « … وَلَا تَقُولُوا: خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ»(٣) وفي رواية لمسلم «قَالَ اللهُ -عز وجل-: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا»(٤)
والدهر هو الزمان؛ اليوم، والليلة، والشهر، والسنة، وهي أزمنة مخلوقة، لا تفعل شيئا وإنما سخرها الله -جل وعلا-، وهي لا تفعل شيئا، وإنما الذي يفعل هو الله -جل وعلا-، فمن سب الأيام والليالي فقد آذى الله لأنه هو سبحانه المتصرف فيها.
قال العلامة ابن باز -رحمه الله-: وقد كان العرب في الجاهلية ينسبون إلى الدهر ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى
(١) أخرجه مسلم (٢٦٢١) من حديث جندب -رضي الله عنه-. (٢) أخرجه البخاري (٤٨٢٦، ٧٤٩١) واللفظ له، ومسلم (٢٢٤٦). (٣) أخرجه البخاري (٦١٨٢) واللفظ له، ومسلم (٢٢٤٦/ ٤). (٤) أخرجه مسلم (٢٢٤٦/ ٣).