ثم خطب الناس في أوسط أيام التشريق فأعاد عليهم مقالته هذه في حرمة الدماء: فَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: … «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟»، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟»، قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ:«فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ … » ـ قَالَ: - وَلَا أَدْرِي قَالَ: أَوْ أَعْرَاضَكُمْ، أَمْ لَا-ـ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَلَّغْتُ»، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ:«لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ»(٢)
قال ابن حبان: فهذا بيانه -صلى الله عليه وسلم- للناس مؤكدًا مبينًا قَبْلَ أن يقبضه الله -جل وعلا- إِلَى جَنَّتِهِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيَوْمَيْنِ. (٣)
الجمع بينه وبين حديث «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاتُه»:
وقوله في الحديث السابق:«أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى الدِّمَاءِ»، لا يتعارض مع قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر:«أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ»(٤).
(١) رواه البخاري في مواضع أولها (٦٧) ومسلم (١٦٧٩). وهو حديث متواتر رواه جماعة من الصحابة منهم: عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- رواه البخاري (١٧٣٩)، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- رواه البخاري (١٧٤٢) ومسلم مختصرا (٦٦) وعمرو بن الأحوص -رضي الله عنه- رواه الترمذي (٢١٥٩) وابن ماجه (٣٠٥٥) وأبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- رواه ابن ماجه (٣٩٣١) والحارث بن عمرو السهمي -رضي الله عنه- رواه أحمد (١٥٩٧٢) وأبي الغادية الجهني -رضي الله عنه- رواه أحمد (١٦٦٩٩) ونُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ -رضي الله عنه- رواه أحمد (١٨٧٢٢) وحذيم بن عمرو السعدي -رضي الله عنه- رواه أحمد (١٨٩٦٦). وعم أبي حرة الرقاشي -رضي الله عنه- رواه أحمد (٢٠٦٩٥) ورجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- -غير مسمى-، رواه أحمد (٢٣٤٩٧) وعمار بن ياسر -رضي الله عنهما- رواه أبو يعلى (١٦٢٢) ووابصة بن معبد -رضي الله عنه- رواه أبو يعلى (١٥٨٩) وعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- رواه أبو يعلى كما في المطالب العالية (١١٣٣) والسرى بنت نبهان -رضي الله عنها- رواه أبو يعلى كما في المطالب العالية (١٢٧٥) وأنس بن مالك -رضي الله عنه- رواه الضياء المقدسي في المختارة (٢٦٨٤). (٢) رواه أحمد (٢٣٤٨٩) (٣) «الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان» (١٣/ ٣١٢) (٤) تقدم (ص: ٢٣٥)