كذلك أخبرنا الله أن الناس يسمعون داعيًا يدعوهم إلى أرض المحشر كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (١٠٨)} [طه]. قال القاسمي -رحمه الله-: " {يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ} أي: يجيبون الداعي إلى المحشر، فينقلبون من كل صوب إليه {لَا عِوَجَ لَهُ} أي: لا يعوج له مَدْعُوٌّ، ولا ينحرف عنه. بل يستوون إليه، متبعين لصوته، سائرين بسير"(٣).
وقال القرطبي -رحمه الله-: "يريد بالداعي إسرافيل -عليها السلام- إذا نفخ في الصور". {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (١٠٨)} قال: "الهمس الصوت الخفي قاله مجاهد"(٤)
ويقول ربنا -جل وعلا-: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٥٢]. قال القرطبي:"الدعاء: النداء إلى المحشر بكلامٍ تَسْمَعُه الخلائق"(٥).
ويقول ربنا -جل وعلا-: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١)} [يس]. وينسلون أي: يسرعون في المشي من القبور إلى المحشر، والنَّسْل نوع من أنواع المشي وهو الإسراع (٦).
(١) رواه مسلم (١٦٥٩) (٢) التحرير والتنوير (٩/ ٣١٤) (٣) محاسن التأويل (٧/ ١٤٨). (٤) تفسير القرطبي (١١/ ٢٤٧). (٥) المرجع السابق (١٠/ ٢٧٥). (٦) نَسَلَ في العَدْو يَنْسِلُ وينسُل نَسْلًا ونَسَلًا ونَسَلَانًا، أي: أسرع. انظر: الصحاح للجوهري وتاج العروس للزبيدي مادة (نسل).