فالأنبياء جميعًا بعثهم الله-سبحانه-لتحقيق هذا الأمر {أَنِ اعْبُدُوا} وقد ذكرنا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (٣) وغيره من المفسرين أنَّ كلمة "اعبدوا" أو كلمة "العبادة" في القرآن يقصد بها الأمر بالتوحيد. فقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[البقرة: ٢١] أي: وحِّدوا ربكم. وهنا قال:{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} أي: وحِّدوا الله، والمقصودُ بالتوحيد هو توحيد الله في العبادة أي: في ألوهيته سبحانه؛ لأن توحيد الربوبية -كما تقدم معنا- تُقِرُّ به الخليقة ولا ينكره إلا معاند، ولكنَّ الذي بعث الله به الأنبياء هو دعوةُ الناس إلى عبادة رب العباد سبحانه. فالأنبياء لم يأتوا إلى الناس ليقولوا: إن الله هو الخالق، إن الله هو الرزاق، إن الله هو المحيي؛ فهذه أمور يُقِرُّون بها، ويؤمنون بها -كما تقدم معنا-؛ وإنما بعثهم سبحانه لتحقيق الأصل العظيم وهو إفراد الله -جل وعلا- بالعبادة. وقد تقدم معنا قولُ اللهِ -سبحانه-: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ
(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٤٩) (٢) المرجع السابق (١٠/ ١٥٢) (٣) تقدم تخريجه في المجلس السابع.