وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « … أَوَّلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وُرُودًا صَعَالِيكُ الْمُهَاجِرِينَ» قَالَ قَائِلٌ: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:«الشَّعِثَةُ رُؤُوسُهُمْ، الشَّحِبَةُ وُجُوهُهُمْ، الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ، لَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ، وَلَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ الَّذِينَ يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلَا يَأْخُذُونَ الَّذِي لَهُمْ»(١)
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «الَّذِينَ يُعْطُونَ الحَقَّ الّذِي عَلَيْهِمْ» معناه أنهم: يؤدون الحقوق التي عليهم كاملة خوفًا من الله وخشية.
وقوله:«وَلَا يُعْطَوْنَ الّذِي لَهُمْ» أي: لقلة اهتمام الناس بهم، فلا يعطونهم حقوقهم كاملة، فيصبرون على ذلك. ومن عدم تقدير الناس لهم ما ذكر في الحديث أنهم « … لَا يَنْكحُونَ المُنَعَّماتِ وَلَا تُفْتَحُ لهُمُ السُّدَدُ» أي لو خطبوا المتنعمات من النساء لم يجابوا ولو دقوا الأبواب واستأذنوا الدخول لم يفتح لهم ولم يؤذن. والمعنى: أنهم قائمون بفرائض الله -جل وعلا-، وقائمون بما أمرهم الله -عز وجل- به حتى لو كانوا ينتقصون من حقوقهم، وهذه فضيلةٌ ظاهرةٌ لهؤلاء الفقراء الذين خافوا الله وصبروا في الدنيا من أجل الله سبحانه.
[فضل أهل اليمن]
وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ» فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ فَقَالَ: «مِنْ مَقَامِي إِلَى عَمَّانَ» وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ: «أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ»(٢).