فهذا الماء الذي تشربه رقراقًا جميلًا باردًا يأتيك صافيًا نقيًّا تُسأَل عنه يوم القيامة، وتسأل عن هذه النعم التي أنعم الله -عز وجل- بها عليك.
جاء رجلٌ إلى عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فقال له: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله بن عمرو: ألك امرأةٌ تأوي إليها؟ قال: نعم. قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإنَّ لي خادمًا. قال: فأنت من الملوك (٢).
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»(٣).
ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ»(٤). فهذا من النعيم الذي يُسأَلُ عنه يوم القيامة.
[يسأل عن العهود والمواثيق]
ويسأل الله -عز وجل- عبادَه عن العهود والمواثيق التي كانت عليهم، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥)} [الأحزاب].
[يسأل المرء عن سمعه وبصره وفؤاده]
ويحاسبون على سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم، كما قال -جل وعلا-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء].
(١) أخرجه الترمذي (٣٣٥٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال هذا حديث غريب. وصححه ابن حبان (٧٣٦٤) والحاكم (٧٢٠٣) ووافقه الألباني في الصحيحة (٥٣٩) (٢) رواه مسلم (٢٩٧٩). (٣) أخرجه البخاري (٦٤١٢) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. (٤) أخرجه أحمد (٢٣١٥٨)، وابن ماجه (٢١٤١) والبخاري في الأدب المفرد (٣٠١)، من حديث عم عبد الله بن خبيب الجهني، واسمه عبيد بن معاذ -رضي الله عنه- كما في التقريب وأصله تبعا لابن منده في المعرفة-. والحديث صححه الحاكم (٢١٣١) ووافقه الألباني في الصحيحة (١٧٤) وقال الحاكم: الصَّحَابِيُّ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ هُوَ يَسَارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْجُهَنِيُّ ا. هـ فالله أعلم ولم أجد في الإصابة لابن حجر "يسارا" هذا.