وَعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى، وَجِبْرِيلُ كَالْحِلْسِ الْبَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ -عز وجل-»(٢) والحِلْس: ما وَلِيَ البعير تحت الرحل (٣).
[تسبيح الملائكة وذكرهم لله]
وجاء في الأدلة الشرعية شيءٌ من بيان عبادتهم وتعبدهم لربهم -جل وعلا- فمن ذلك: التسبيح والذكر؛ يقول ربنا -جل وعلا-: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}[غافر: ٧] وقال -جل وعلا-: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}[الإسراء: ٤٤]. وأخبرنا ربنا أن تسبيح الملائكة دائم ليلًا ونهارًا لا ينقطع، يقول -جل وعلا-: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء].
ولكثرة تسبيحهم فإنهم هم المسبِّحون على الحقيقة؛ فإن الله يقول مخبرًا عنهم: أنهم قالوا: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)} [الصافات]. وما ذلك إلا لكثرة تسبيحهم وثنائهم على ربهم -جل وعلا- فهم يقومون ويركعون ويسجدون لربهم.
وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَوْضِعُ قَدَمٍ
(١) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (٣٣) والبيهقي في كتاب الرؤية -كما في الحبائك في أخبار الملائك للسيوطي (١٤٧) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٩/ ٢٩٦) وابن العديم في بغية الطلب فى تاريخ حلب (٤/ ٢٠٢٦) - وسنده حسن. وهو في التاريخ الكبير للبخاري (٢/ ٨ ت المعلمي اليماني) مختصرا- ومن طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (٢/ ٨٤٩) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٩/ ٢٩٧) -. (٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء (٤١٤) وابن أبي عاصم في السنة (٦٢١) والطبراني في الأوسط (٤٦٧٩) وقوام السنة في الحجة (٢٤٨) وابن مردويه كما في الدر المنثور (٥/ ٢١٦) وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم ٢٢٨٩) (٣) انظر: كتاب العين للخليل (٣/ ١٤٢) وتهذيب اللغة للأزهري (٤/ ١٨١)