كَسِفَت لِمَصْرَعِهِ النُّجُومُ وبَدْرُها*وَتَضَعْضَعَتْ آطَامُ بَطْن الأَبْطَحِ (١)
وَتَزَعْزَعَت أَجْبَالَ يَثْرِبَ كلها … وَنَخِيلها لِحُلول خطب مُفْدِحِ
وَلَقد زَجَرْت الطَّيْرَ قَبْلَ وَفَاتِهِ … بِمُصَابه وَزَجَرْت سَعْدَ الأَذْبَحِ
وَزَجَرْت أن نَعَب المشحّج (٢) سانحاً … مُتَفَائِلاً فيهِ بِفَأْل أَقْبَح
ورجع أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها، وتوفي في خلافة عثمان، ﵁، بطريق مكة، فدفنه ابن الزبير. وقيل: إنه مات بمصر منصرفاً من غزوة إفريقية، وكان غزاها مع عبد اللَّه ابن الزبير ومدحه، فلما عاد ابن الزبير من إفريقية عاد معه، فمات، فدفنه ابن الزبير.
وقيل: إنه مات غازياً بأرض الروم، ودُفِن هناك.
وكان عمر بن الخطاب نَدَبَه إلى الجهاد، فلم يزل مجاهداً حتى مات بأرض الروم، فدفنه ابنه أبو عبيد، فقال له عند موته:
أَبَا عُبَيدِ، رُفِع الكِتابُ … وَاقْتَرب المَوْعِدُ والحِسَابُ
في أبيات، قال محمد بن سلام: قال أبو عمرو: سُئِل حسان بن ثابت: مَنْ أشعر الناس؟ فقال: حَيًّا أم رجلاً؟ قالوا: حياً. قال: هذيل أشعر الناس حَيًّا. قال ابن سلام: وأقول:
إن أشعر هذيل: أبو ذؤيب.
قال عمر بن شَبَّة: تقدّم أبو ذؤيب على سائر شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يقول فيها بَنِيه (٣).
وقال الأصمعي: أبرع بيت قالته العرب بيت أبي ذؤيب:
والنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إذا رغَّبْتَها … وَإِذا تُرَدّ إلى قلِيلٍ تَقْنَع
وهذا البيت من شعره المفضل، الذي يرثى فيه بنيه، وكانوا خمسة أصيبوا في عام واحد، وفيه حكم وشواهد، وأوّلها (٤):
(١) الآطام: الأبنية المرتفعة كالحصون. والأبطح: المسيل الواسع.
(٢) الشحيج: صوت الغراب والبغل والحمار.
(٣) في المطبوعة: «بيته». وفي المصورة دون نقط. ولفظ الاستيعاب ٤٥/ ١٦٥١: «التي يرثى فيها بنيه».
(٤) ديوان الهذليين: ١/ ١ - ٤.