قالا: أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، حدثنا أبو الشيخ، أخبرنا أبو يحيى الرازي، حدثنا سهل بن عثمان، أخبرنا عبد اللَّه بن الأجلح الكِندي، عن أَبي صالح، عن ابن عباس، قال: «كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الولد الصغار حتى يدركوا، فمات رجلٍ من الأنصار يقال له: أوس بن ثابت، وترك بنتين وابناً صغيراً، فجاء ابنا عمه، وهما عَصَبتُه، فأخذا ميراثه، فقالت امرأته لهما: تزوجا أبنيته، وكان بهما دمامة، فأبيا. فأتت رسول اللَّه ﷺ فقالت: يا رسول اللَّه، توفي أوس وترك ابنا صغيراً وابنتين، فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه، فقلت لهما: تزوجا ابنتيه فأبيا. فقال رسول اللَّه ﷺ: ما أدري ما أقول؟ وما جاءني من اللَّه ﷿ في هذا شيء، فأنزل اللَّه ﷿ على النبي ﷺ: ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ (١) … ﴾. الآية، فأرسل رسول اللَّه ﷺ إلى خالد وعرفطة فقال: لا تُحَرِّكا من الميراث شيئاً، فإنه قد أنزل اللَّه ﷿ عَليَّ شيئاً، وأخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيباً، ثم نزل بعد على النبي ﷺ: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ (٢) … ﴾ الآية، فدعاهما أيضاً وقال: لا تُحَرِّكا في الميراث شيئاً، ثم نزل على النبي ﷺ: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٣)﴾.
فدعا رسول اللَّه ﷺ بالميراث، فأعطى المرأة الثمن، وقسم ما بقي، للذكر مثل حظ الأنثيين، فلما بلغ ذلك العرب جاء عيينة بن حصن، في ناس من العرب، فقالوا: يا رسول اللَّه، ماذا بلغنا عنك؟ قال: وما بلغكم؟ قالوا: بلغنا أنك وَرَّثْتَ الصغار الذين لم يركبوا الخيل، ولم يحرزوا الغنيمة، وَوَرَّثْتَ البنات اللاتي يذهبن بالمال إلى الأباعد، قال: فقرأ عليهم القرآن، وأمرهم بما أمرهم اللَّه ﷿ به. وفي غير هذه الرواية:
أن الوارثين: قتادة وعرفطة، وأن المرأة يقال لها: أم كُجَّة.
أخرجه أبو موسى.
قلت: قد تقدّم في أوس بن ثابت أنه قتل بأحد، وقيل: بقي إلى خلافة عثمان، وقد ذكر في هذا الحديث أنه توفي في حياة النبي ﷺ بعد الفتح، لأن عيينة بن حصن لم يشهد مع النبي ﷺ شيئاً من غزواته إلا الفتح، وكان حينئذ مشركاً، وقيل: بل أسلم قبل الفتح بيسير، وكان من المؤلفة قلوبهم، وهذا بعد أحد، وقيل: مات بعد خلافة عثمان ﵁ بمدة طويلة، ولم يذكروا كلهم في أوس بن ثابت إلا أوس بن ثابت أخا حسان بن ثابت، فإذا كان أوس قد توفي في حياة النبي ﷺ أو في خلافة عثمان، فلا حاجة أن يقال: ورثه ابنا عمه، فإن أخاه حسان كان حياً، فكان ورثه دون ابني عمه، فينبغي أن يكون غير أخي حسان حتى تصح القصة، ولم يذكروا غيره، واللَّه أعلم.
١٣٨٠ - خَالِدُ بن عُقْبَةَ بن أَبي مُعَيْط
(ب د ع) خَالِدُ بن عُقْبَةَ بن أبي مُعَيْط بن أبي عَمْرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف،