أُقرِعَ بينهما، لقوله:«لو يعلَم الناسُ ما في النداء والصفِّ الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستَهِموا عليه، لاستَهموا عليه»(١)، ولأنَّ الناس تشاحُّوا في الأذان بالقادسية، فَأقرعَ بينهم سعدُ بن أبي وقاص - رضي الله عنه -. ذكره الإمام أحمد وغيره (٢).
وعنه: أنه يُقرَع بينهم، من غير نظرٍ إلى الجيران.
والأول أصح، لأنَّ ذلك أقربُ لرضاهم وانتظام أمرهم، ولذلك اعتُبِر ذلك في الإمامة.
فصل
قال القاضي: يستحَبُّ الاقتصار على مؤذنَين ــ وإن اقتصر على واحد أجزأه ــ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان له مؤذِّنان: بلال وابن أمِّ مكتوم. وكذلك قال الآمدي: يستحَبُّ أن لا ينقص في مسجد الجماعة عن اثنين، لدعوى الحاجة إليهما كالواحد في غير مسجد الجماعة. ومعنى هذا: أنه يرتَّب للمسجد مؤذِّنان، إن غاب أحدهما حضَر الآخَرُ. وأمَّا تأذين واحد بعد واحد، فعلى ما ذكره القاضي: يستحَبُّ. وعلى ما ذكره غيره: لا يستحَبُّ ذلك إلا في الفجر.
(١) سبق تخريجه. (٢) أورده من طريق عبد الله، عن أبيه بإسناد منقطع ابن رجب في «فتح الباري» (٣/ ٤٧١)، وبمثله البيهقي (١/ ٤٢٩)، ووصله الطبري في «التاريخ» (٢/ ٤٢٥)، انظر: «فتح الباري» لابن حجر (٢/ ٩٦).