وأما ما لا يوجب الدم ففيه روايتان منصوصتان ورواية مخرَّجة:
إحداهن: في كل شعرة وظُفرٍ مدٌّ، قال في رواية أبي داود (١): إذا نتفَ شعرةً أطعم مدًّا. وهذا اختيار عامة أصحابنا: الخرقي، وأبي بكر، وابن أبي موسى، والقاضي وأصحابه وغيرهم (٢).
والثانية: قبضة من طعام؛ قال في رواية حنبل (٣): إذا كانت شعرة أو اثنتين كان فيهما قبضة من طعام. ثم من أصحابنا من يقول: في كل شعرةٍ قبضةٌ من طعام، وظاهر كلامه أن في الشعرتين قبضة من طعام.
والثالثة: خرّجها القاضي ومن بعده من قوله (٤) فيمن ترك ليلةً من ليالي منى: إنه يتصدَّق بدرهم أو نصفِ درهم. وكذلك خرّجوا في ترك ليلة من ليالي منى وحصاةٍ من حصى الجمار ما في حلق شعرة وظفر، فجعلوا الجميع بابًا واحدًا، قالوا: لأن كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة يتعلَّق وجوب الدم بجميعه، ويتعلَّق ببعضه وجوب الصدقة.
ووجه الأول: أن أقلَّ ما يتقدَّر (٥) بالشرع من الصدقات طعام مسكين،
(١) في «مسائله» (ص ١٧٦). وانظر «التعليقة» (١/ ٤٠٢). (٢) انظر «مختصر الخرقي» مع «المغني» (٥/ ٣٨٧) و «الإرشاد» (ص ١٦١) و «التعليقة» (١/ ٤٠٢). (٣) كما في «التعليقة» (١/ ٤٠٢). (٤) في رواية إسحاق بن إبراهيم كما في «التعليقة» (١/ ٤٠٢). (٥) س: «يقدر».