ولأنه لو كان ركنًا لشُرِع من جنسه ما ليس بركنٍ، كالوقوف من جنسه الوقوف بمزدلفة.
ولأنه لو كان لتوقَّتَ أولُه وآخره كالإحرام والطواف والوقوف، والسعي لا يتوقَّتُ.
ومن قال: إنه ركن احتجَّ على ذلك بما روتْ صفية بنت شيبة أخبرتْني حَبيبة بنت أبي تِجْراةَ إحدى نساء بني عبد الدار قالت: نظرتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا والمروة، فرأيتُه يسعى وإن مِئزره ليدور من شدَّة السعي، حتى أقول إني لأرى ركبتيه، وسمعته يقول:«اسعَوْا، فإنّ الله كتبَ عليكم السعي». وفي رواية: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم، وهو يسعى حتى أرى ركبته من شدّة السعي يدور به إزاره، وهو يقول:«اسْعَوا، فإن الله كتبَ عليكم السعي». رواه أحمد (١)، ورواه أيضًا (٢) عن صفية [أنَّ] امرأةً أخبرتْها أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا [ق ٣٧٧] والمروة يقول: «كُتِب عليكم السعيُ فاسْعَوا».
وأيضًا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به كما أمر بالطواف بالبيت في قَرَنٍ واحد،
(١) الرواية الأولى لم أجدها بهذا اللفظ عند أحمد، وهي بلفظ قريب عند الشافعي في الأم (٣/ ٥٤٥) ومن طريقه أخرجها الدارقطني (٢/ ٢٥٦). والرواية الثانية في «المسند» (٢٧٣٦٨). وفي إسناد الروايتين عبد الله بن المؤمل المخزومي، ضعيف الحديث. ولكن الحديث يتقوّى ويثبت بما له من المتابعات عند ابن خزيمة (٢٧٦٤، ٢٧٦٥) والدارقطني (٢/ ٢٥٥) والحاكم (٤/ ٧٠) وغيرهم. انظر «تنقيح التحقيق» (٢٢٠١) و «الإرواء» (١٠٧٢). وقد سبق حديث صفية هذا بلفظٍ آخر (ص ١٩٣). (٢) رقم (٢٧٤٦٣)، والزيادة منه. وفي إسناده راوٍ مجهول.