الليل، فيُشبِه ذهابَ جميعه. ولأن النصف الأول وقتٌ للعشاء في حال الاختيار، فلو جاز الأذان فيه لاشتبه على السامع الأذانان.
وعلى هذا فينبغي أن يكون الليلُ الذي يعتبر نصفه: أولُه غروبُ الشمس، وآخِرُه طلوعُها؛ كما لو كان النهارُ المعتبرُ نصفُه: أولُه طلوع الشمس، وآخِرُه غروبها؛ لانقسام الزمان إلى ليل ونهار. وإن كان في غير التنصيف يكون آخرُ الليل طلوعَ الفجر، وهو أولُ [ص ٦] النهار.
ولعل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحد الحديثين:«ينزل ربُّنا إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلثُ الليل الآخِر» يعني: الليل الذي ينتهي بطلوع الفجر. وفي الآخر:«حين يمضي نصفُ الليل» يعني: الليل الذي ينتهي بطلوع الشمس. فإنه إذا انتصف الليل الشمسي، يكون قد بقي ثلثُ الليل الفجري تقريبًا. ولو قيل: تحديدُ وقت العشاء (١) إلى نصف الليل تارةً وإلى ثلثه أخرى من هذا الباب، وأنه إذا مضى ثلثُ الليل الشمسي، فقد قارب مضيّ نصفِ الليل الفجري= لكان وجيهًا (٢).
مسألة (٣): (قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقول»).
(١) في الأصل: «تحديده إلى العشاء»، وفيه تحريف. والمثبت من «اختيارات ابن اللحام». و «العشاء» ساقط من المطبوع. (٢) في المطبوع: «متوجِّهًا» دون تنبيه، والمثبت من الأصل. وانظر: رسالة المصنف في «شرح حديث النزول». (٣) «المستوعب» (١/ ١٥٤ - ١٥٥)، «المغني» (٢/ ٨٥ - ٩٢، ٨٤، ٥٤ - ٥٥)، «الشرح الكبير» (٣/ ١٠٥ - ١١٣، ٧٤ - ٨٧، ٤٣ - ٤٥، ٦٠ - ٦١)، «الفروع» (٢/ ٢٦ - ٢٨، ١٥، ٢٠ - ٢٥).