وذكر بعض أصحابنا (٢)[ق ١٣٨] عنه رواية أخرى: أنها سنة، لأن الله سبحانه وتعالى قال:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}(٣)[آل عمران: ٩٧]، ولم يذكر العمرة. ولو كانت واجبة لذكرها، كما ذكرها لما أمر بإتمامهما وبالسعي فيهما في قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]، وقوله سبحانه:{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: ١٥٨]. وكذلك أمر خليله عليه السلام بدعاء الناس إلى الحج بقوله تعالى:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} إلى قوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج: ٢٧ - ٢٨]، والاختصاص بأيام معلومات هو للحج فقط دون العمرة، فعُلِم أنه لم يأمرهم بالعمرة، وإن كانت حسنة مستحبة (٤).
ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر مباني (٥) الإسلام قال: «وحج البيت من استطاع إليه سبيلا». وقال في حديث جبريل (٦): «الإسلام أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وأن
(١) كما في «التعليقة» لأبي يعلى (١/ ٢٠٠، ٢١١). وانظر «مسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانئ» (١/ ١٧٩). (٢) انظر «المغني» (٥/ ١٣) و «الشرح الكبير» (٨/ ٧) و «الإنصاف» (٨/ ٩)، وفيه: «اختاره الشيخ تقي الدين» (ابن تيمية). وانظر «مجموع الفتاوى» (٢٧/ ٥، ٧) حيث رجَّح أنها سنة. (٣) «من استطاع إليه سبيلًا» من س. (٤) ق: «فإن كانت حسنة». (٥) في المطبوع: «معاني»، تحريف. (٦) الذي أخرجه مسلم (٨) من حديث عمر بن الخطاب.