جَلَبةَ رجال. فلما صلَّى قال:«ما شأنكم؟» قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال:«فلا تفعلوا. إذا أتيتم الصلاةَ فعليكم السكينة. فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا»(١) متفق عليهما.
فعلى هذا، يُكرَه الإسراعُ الشديد مطلقًا، وإن فاته بعضُ الصلاة، لنهي النبيِّ [ص ٢٣٤]- صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. ويكره الإسراع اليسير، إلّا إذا خاف فوتَ تكبيرة الافتتاح، وطمِع في إدراكها، لما ذكره الإمام أحمد عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنهم كانوا يعجِّلون شيئًا إذا تخوَّفوا فوتَ التكبيرة، وطمِعوا في إدراكها (٢).
وقد روى سعيد في «سننه»(٣) عن رجل من طيِّئ قال: كان عبد الله ينهانا عن السعي إلى الصلاة، فخرجتُ ليلةً، فرأيته يشتدُّ إلى الصلاة، فقلت: يا أبا عبد الرحمن كيف تنهانا عن السعي إلى الصلاة؟ فرأيتك الليلةَ اشتددتَ إليها! قال: إنِّي وأبيك بادرتُ حدَّ الصلاة. يعني: التكبيرة الأولى.
وهذا يدل على أنَّ هذا الموضع غيرُ داخل في نهي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّ أصحابه أعلم بمعنى ما سمعوه منه. فإنَّ ابن مسعود من جملة رواة هذا الحديث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وسياقُ الحديث يدل على أنَّ النهي إنما هو لمن فاتته تكبيرة الافتتاح، لأنه في أناس سمع جلَبتَهم وهو في الصلاة، وهذا بعد التحريم (٤). وفي الحديث الآخر:«إذا سمعتم الإقامة فامشُوا إلى الصلاة»
(١) البخاري (٦٣٥) ومسلم (٦٠٣). (٢) تقدم تخريجه. (٣) وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٩/ ٢٥٤)، وابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ١٤٧). (٤) تقدم تخريجه.