ولأنّ جميع الأوقات مظِنَّةُ ما يطهَّر الفمُ منه، من أُدْمٍ أو أكلٍ (١)؛ وما يطهَّر له، من كلام الله وكلام العباد؛ ولذلك استُحبّ مطلقًا.
ويتوكَّد (٢) استحبابه لسببين:
أحدهما: عند تغيُّر الفم بمأكول، أو خلوٍّ (٣) من الطعام، أو غير ذلك. وكذلك عند القيام من الليل، لما روى حذيفة قال: كان رسول الله [٦٢/أ]- صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشُوص فاه بالسواك. متفق عليه (٤). يعني: يغسله، ويدلكه (٥). وفي لفظ: كنَّا نُؤمر بالسِّواك إذا قمنا من الليل (٦). ولأن بالنوم ينطبق فمه، فيحتبس فيه البخار المتصاعد من معدته، فيغيِّره.
وكذلك إذا دخل منزله، لأنه تأخير الاستياك (٧). وقد قيل لعائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل منزله؟ قالت: بالسواك. أخرجه مسلم (٨).
وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرقد ليلًا ولا نهارًا، فيستيقظ، إلا تسوَّكَ
(١) الأُدْم: الإدام. وفي المطبوع: "إدام وأكل" خلافًا للأصل. (٢) في المطبوع: "يتأكد"، والمثبت من الأصل. (٣) في المطبوع: "خلوِّه"، والمثبت من الأصل. (٤) البخاري (٢٤٥)، مسلم (٢٥٥). (٥) في المطبوع: "يدلك"، والمثبت من الأصل. (٦) أخرجه النسائي (١٦٢٣). وفي إسناده أبو سنان سعيد بن سنان متكلم فيه، وقد عُدَّ هذا اللفظ من مناكيره، انظر: "الكامل" (٣/ ٣٦٣)، "الميزان" (٢/ ١٤٣). (٧) كذا في الأصل مع إهمال "تأخير"، وقد يكون صوابه: "تأخَّر". وقد حذفت الكلمات الثلاث في المطبوع دون تنبيه. (٨) برقم (٢٥٣).