أن ما وجب ضمانه من الصيد إما بالحرم أو بالإحرام فإنه يضمن بمثله من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، وهو ما شابهه في الخلقة والصفة تقريبًا؛ لأن الله سبحانه قال:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥]. وقد قرئ بالتنوين، فيكون المثل هو الجزاء بعينه، وهو بدل منه في الإعراب، و (١){جَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ} بالإضافة (٢)، والمعنى: فعطاءُ مثلِ المقتول، فالجزاء على هذا مصدر أو اسم مصدر أضيف إلى مفعوله، وضُمِّن معنى الإعطاء والإخراج والإيتاء. ومثل هذا: القراءتان في قوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}(٣)[البقرة: ١٨٤]، وإن كان بعض القراء فرَّق بينهما، حيث جعل الفدية نفس الطعام، وجعل الجزاء إعطاء المثل.
والمراد بالمثل: ما ماثلَ (٤) الصيدَ من جهة الخلقة والصورة، سواء كانت قيمته أزيدَ من قيمة المقتول أو أنقص؛ بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
أما الأول فمن وجوه:
أحدها: أن الله أوجب مثل المقتول، والمثل إنما يكون من جنس مثله،
(١) في المطبوع: «وقرئ فجزاء» خلاف ما في النسختين. (٢) هذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وغيرهم، انظر «السبعة» لابن مجاهد (ص ٢٤٧) و «التيسير» للداني (ص ١٠٠) و «النشر» (٢/ ٢٥٥). (٣) قراءة نافع وابن عامر: «فديةُ طعامِ ... » بالإضافة، انظر «السبعة» (ص ١٧٦) و «النشر» (٢/ ٢٢٦). (٤) في المطبوع: «ما مثال» خلاف النسختين.