لدلالته على الآخر، إذا (١) كان في الكلام ما يدلُّ عليه. وكان هذا من باب الإيجاز والاختصار، كما قال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} إلى قوله: {وحورٍ عِين}(٢)[الواقعة:١٧ - ٢٢] وهن لا يطاف بهن وإنما يَطُفن، كأنه قال: يُؤتَون بهن؛ كما قال:
ورأيتُ زوجَكِ في الوغى ... متقلِّدًا سيفًا ورُمحَا (٣)
وقال:
علَفتُها تِبْنًا وماءً باردًا (٤)
وقد دلَّ على أنه أراد المسح الذي هو إجراء الماء على العضو قرينتان:
إحداهما: أنه حدَّده إلى الكعبين، والحدُّ إنما يكون للمغسول، لا للممسوح. والثانية: أن من يقول بالمسح يمسحهما إلى مجتمع القدم والساق، فيكون في كلِّ رجل كعب. ولو كان كذلك لقيل: إلى الكِعاب، كما
(١) في الأصل والمطبوع: "لذا"، وهو تصحيف ما أثبتنا. (٢) بالجر، وهي قراءة حمزة والكسائي من السبعة، وفيها الشاهد. وانظر: "تفسير الطبري" (١/ ٢٦٤ - ٢٦٥ شاكر). (٣) من الشواهد السيَّارة، وقد أنشده أبو عبيدة في "المجاز" (٢/ ٦٨)، والفراء في "معاني القرآن" (١/ ١٢١). وقد نسب في بعض حواشي "الكامل" (١/ ٤٣٢) إلى عبد الله بن الزِّبَعْرَى. (٤) عجزه: حتى شَتَتْ همَّالةً عيناها. وهو أيضًا من الشواهد المشهورة. أنشده الفراء في "معانيه" (١/ ١٤) وقال: أنشدني بعض بني أسد يصف فرسه. وقال في (٣/ ١٢٤): "أنشدني بعض بني دُبير". وبنو دبير من بني أسد.