اللهم وبحمدك ولا إله غيرك»، فقد أتى بمعنى هذه الكلمات. وضمَّ إليها:«تبارك اسمك وتعالى جدك». والجَدُّ هو العظمة والكبرياء, وهو المثل الأعلى في السماوات والأرض. فإذا انضمَّ إلى الباقيات الصالحات أسماؤه سبحانه وصفاته, فقد حصل الثناء من (١) جميع الجهات.
الخامس: أنَّ هذه الكلمات كلها في القرآن أمرًا أو ثناءً (٢) , والذكر الموافق للقرآن أفضل من غيره. أما التكبير فقال:{وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}[الإسراء: ١١١]. وأما التسبيح والتحميد فقال:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}[النصر: ٣]. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده:«سبحانك اللهم [ص ٢٦٠] ربنا وبحمدك» يتأول (٣) هذه الآية (٤). فعُلِم أن قول العبد:«سبحانك اللهم وبحمدك» يكون امتثالًا لها. وكذلك قوله:{يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}[الزمر: ٧٥]، {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}[البقرة: ٣٠]. وأما التبريك فقال: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذُو (٥) الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٧٨]. وأما التعلية فقال تعالى:{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا}[الجن: ٣] وأما التهليل فكثير.
السادس: أن هذا ثناء محض على الله. وما سواه إما إخبار عن الحال التي هو فيها أو دعاء ومسألة, والثناء على الله أفضل منهما. وكذلك اختير
(١) في المطبوع: «في». (٢) في المطبوع: «وثناء». (٣) في الأصل: «تبارك»، تصحيف. (٤) كما في البخاري (٤٩٦٨) ومسلم (٤٨٤) من حديث عائشة. (٥) على قراءة ابن عامر. انظر: «الإقناع» لابن الباذش (٢/ ٧٧٩).