وعلَّق الحافظ ابن حجر على قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ النَّاسُ علَى قَدَمَيَّ»، فقال:"أَيْ عَلَى أَثَرِي أَيْ: إِنَّهُ يُحْشَر قَبْل النَّاس"(٢).
وجاء في رواية:«يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي»(٣) ويُفهَم من تفسير العلماء لهذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوَّلُ من يُحشَر. وقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(٤) يعني: ثم يتتابع الناس بعد ذلك.
وجاء في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر ويقول:«إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللَّهِ - وفي رواية: إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللهِ- حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ثم قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم-: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)} [الأنبياء: ١٠٤]، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: «فأوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ برِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِي ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فأقُولُ: أَصْحَابِي! فيُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ علَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فأقُولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: ١١٧ - ١١٨]» (٥)
وَعَنْ عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟! قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ»(٦).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «حُفَاةً» أي غير منتعلين،
(١) أخرجه البخاري (٤٨٩٦)، ومسلم (٢٣٥٤). (٢) فتح الباري (٦/ ٥٥٧). (٣) أخرجه مسلم (٢٣٥٤). (٤) أخرجه البخاري (٢٤١٢) وأحمد (١٠٩٨٧) -واللفظ له- من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. (٥) أخرجه البخاري (٣٤٤٧)، ومسلم (٢٨٦٠) (٦) أخرجه البخاري (٦٥٢٧) ومسلم (٢٨٥٩) واللفظ له.