ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟! " (١).
هذا هو إعمال التفكر والتأمل في هذا الكون وفي هذه الآيات العظيمة.
وربنا -جل وعلا- يدعونا إلى أن ننظر في أنفسنا: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)} [الذاريات].
ويقول الله -سبحانه وتعالى-: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩)}. ويقول بعد ذلك: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤)} مَنْ الذي يستطيع أن يحيِيَ هذه الأشياء؟! {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١)} [الواقعة].
كل هذه الآيات خطاب: يعني أخبروني عن هذه الأشياء كيف هي؟
وفي سورة عبس يقول ربنا -سبحانه وتعالى-: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)} [عبس] أي: تفكَّرْ وتأمَّلْ في طعامك.
قال الطبري -رحمه الله-: أي: فَلْيَنْظُرْ هَذَا الْإِنْسَانُ الْكَافِرُ الْمُنْكِرُ تَوْحِيدَ اللَّهِ إِلَى طَعَامِهِ كَيْفَ دَبَّرَهُ؟ (٢)
{أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧)} [عبس] الآيات ..
إذًا هذه كلُّها أدلة لو تفكر الإنسان فيها بعقله وتأمل لعرف أنَّ الله -سبحانه وتعالى- موجود.
وانظر إلى خطابات القرآن:
{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: ١٠١]
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)} [الأنعام]
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩)} [النمل]
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)} [العنكبوت]
(١) تفسير ابن كثير (١/ ١٩٧) وانظر: مفيد العلوم ومبيد الهموم للخوارزمي (ص ٢٥)
(٢) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (٢٤/ ١١٥)